في خطوة جديدة نحو تحديث السياسة العقابية بالمغرب، ألقى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية كلمة خلال افتتاح اليومين الدراسيين حول العقوبات البديلة، التي نظمتها رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا، يوم 7 ماي 2025 بفندق كونراد الهرهورة بالرباط.
الكلمة جاءت لتؤكد على تحول جوهري في التعامل مع الجريمة والعقاب، حيث شدد الرئيس المنتدب على أن العقوبات السالبة للحرية رغم كونها إحدى الوسائل الإصلاحية، إلا أن تكلفتها الاجتماعية والاقتصادية أصبحت عبئًا على الدولة والمجتمع. وأضاف أن فلسفة العقوبات تطورت عبر الزمن لتصبح أكثر إنسانية، تسعى إلى إعادة تأهيل الأفراد وإدماجهم في المجتمع بدل الاقتصار على العقوبات الحبسية.
بدائل السجن: خطوة نحو الإصلاح الشامل
خلال مداخلته، أوضح الرئيس المنتدب أن العقوبات البديلة تتضمن تنفيذ الأحكام في فضاءات مفتوحة بعيدًا عن السجون، مع الحفاظ على نسق حياة طبيعي للمحكوم عليه. وتشمل هذه العقوبات الغرامات اليومية، والعمل للمنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، مما يتيح تقليل الاكتظاظ في المؤسسات السجنية، وتقليل الكلفة المالية التي تتحملها الدولة.
ووفقًا للتجارب المقارنة التي استعرضها، أثبتت العقوبات البديلة فعاليتها في تقليل معدلات العود، خصوصًا بين المدمنين الذين استفادوا من برامج علاجية بدل العقوبات السالبة للحرية. وأشار إلى أن العقوبات الاجتماعية تقدم حلولًا أكثر واقعية لمواجهة الجرائم البسيطة، مما يعزز إعادة إدماج المحكومين ويقلل من نسب العودة إلى الإجرام.
تحديات التطبيق ومقومات النجاح
من جهة أخرى، شدد الرئيس المنتدب على ضرورة انخراط كل المؤسسات المعنية لضمان نجاح تطبيق القانون الجديد، وعلى رأسها وزارة العدل والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. كما دعا إلى تعزيز التكوين المستمر للقضاة ومهنيي القضاء، لتأهيلهم لاستيعاب الفلسفة الجديدة للعقوبات البديلة.
ولم يخفِ الرئيس المنتدب تحديات التطبيق العملي لهذا النوع من العقوبات، معتبرًا أن نجاح هذه التجربة رهين بانخراط المجتمع في تقبل هذه العقوبات وتفهم أبعادها، مما يتطلب جهودًا توعوية توازي جهود الإصلاح القضائي.
نحو تنفيذ فعلي للقانون الجديد
وأشار في ختام كلمته إلى أن السلطة القضائية ستكون على استعداد كامل لتنفيذ القانون رقم 43.22 ابتداءً من 8 غشت القادم. كما دعا جميع القضاة إلى تطبيق العقوبات البديلة كبديل عن الحبس في الحالات التي تسمح بها النصوص القانونية، لضمان فعالية التشريع الجديد وتفادي أي انحراف في تطبيقه.
وأشاد الرئيس المنتدب بجهود رئاسة النيابة العامة ومجلس أوروبا على تنظيم هذه الندوة، مؤكدًا على أهمية التنسيق بين السلطات لتحقيق الأهداف الإصلاحية المرجوة.