تقديم مقتضب للمقال:
أطرح في هذا المقال سؤالًا جوهريًا حول واقع البحث العلمي في الجامعة المغربية، منطلقًا من ظاهرة انتشار المجلات المشبوهة والنشر الرديء، وما خلفته من تدهور في سمعة الجامعة وترتيبها الدولي. كما أسجل مبادراتي السابقة في التحذير من هذه الآفة منذ سنة 2022، واعتباري أن الخطوة الوزارية الأخيرة رغم أهميتها تظل غير كافية ما لم تُعزز بمنظومة تقييم صارمة، ومراقبة لأخلاقيات النشر، وتكوين جاد للباحثين. مقترحا مجموعة من الدعامات المؤسسية لتصحيح المسار، دفاعًا عن جامعة منتجة، نزيهة، وقادرة على القيادة الأكاديمية.
الكلمات المفاتيح:
البحث العلمي، المجلات المفهرسة، النشر الأكاديمي، الجامعة المغربية، الترقي العلمي، المجلات المفترسة، النزاهة العلمية، القيادة الأكاديمية، الجودة في التعليم العالي، الإصلاح الجامعي
توطئة: حين يختل ميزان الجودة في مؤسسات المعرفة
لا يمكن الحديث عن جامعة مغربية ذات إشعاع معرفي دون التوقف عند أزمة البحث العلمي الجامعي، التي لم تعد مجرد ملاحظة عرضية، بل أضحت مرضًا مزمنًا يهدد كيان المؤسسة الأكاديمية وسمعتها. منذ اعتماد شبكة الترقي سنة 2015 التي منحت أولوية قصوى للنشر الأكاديمي، نشأت بيئة ملائمة لتضخم النشر الرديء، وتكاثر المجلات الطفيلية، وتحولت الجامعة إلى مسرح مفتوح لأشكال من “الاسترزاق العلمي”.
لقد دققتُ، شخصيًا، ناقوس الخطر بشأن هذا الانحراف منذ سنة 2022، ونبهت إلى خطورته على الجامعة والمجتمع، عبر مقالات ونداءات كانت تجد صدًا متحفظًا أو صمتًا مريبًا في كثير من الأحيان. واليوم، ورغم إقدام الوزارة الوصية على خطوة أولى تتمثل في تحديد لائحة المجلات المعتمدة Scopus)، WOS، PRSM، Cairn، (ERIH Plus بالنسبة لطلبة الدكتوراه، فإن الوضع لا يزال يتطلب معالجة أكثر جذرية وشمولية، تشمل منظومة الترقي الأكاديمي، وضمان الشفافية، واسترجاع مكانة الباحث النزيه.
1. جذور الأزمة : عندما يصبح النشر العلمي سلعة
مع تفشي المجلات التجارية وغير المحكمة، أصبح بإمكان أي شخص أن ينشر مقالا في بضع ساعات مقابل مبلغ مالي. وهذا ما أدى إلى تكوين “سوق سوداء أكاديمية”، لم تسلم منها حتى بعض المجلات المصنفة. وقد أظهرت تحقيقات دولية حجم الكارثة، أبرزها:
– تحقيق جريدة لوموند الفرنسية (7 يوليو 2025) بعنوان: “عالم المجلات العلمية على وشك الاختناق”، والذي كشف تواطؤ مجلات مفهرسة مع شبكات تجارية تهدف للربح على حساب الجودة.
– قاعدة بيانات RetractionWatch، التي وثّقت آلاف الحالات من النشر الزائف أو المتحايل عالميًا.
تحليل منشور في (PubMed Central) رقم المرجع: (PMC11781634-2035) ، والذي أظهر أن حتى بعض المجلات المعترف بها قد تورطت في قبول أبحاث مشكوك فيها، مما وضع جامعات عديدة، منها جامعات مغربية، تحت مراقبة مؤسسات دولية، في “القائمة الحمراء”، أو “البرتقالية”.
وهكذا، أصبحنا أمام صورة أساتيذ باحثين وطلبة باحثين ينتجون مقالات بلا قيمة علمية حقيقية، فقط للحصول على ترقية أو مناقشة أطروحة، مما أضر بسمعة الجامعة المغربية، وأسهم في تراجع ترتيبها في التصنيفات الدولية.
2البحث العلمي الرصين: دعامة لاستعادة سمعة الجامعة وبناء قيادة أكاديمية مسؤولة
بقلم: الدكتور محمد محاسن
تقديم مقتضب للمقال:
أطرح في هذا المقال سؤالًا جوهريًا حول واقع البحث العلمي في الجامعة المغربية، منطلقًا من ظاهرة انتشار المجلات المشبوهة والنشر الرديء، وما خلفته من تدهور في سمعة الجامعة وترتيبها الدولي. كما أسجل مبادراتي السابقة في التحذير من هذه الآفة منذ سنة 2022، واعتباري أن الخطوة الوزارية الأخيرة رغم أهميتها تظل غير كافية ما لم تُعزز بمنظومة تقييم صارمة، ومراقبة لأخلاقيات النشر، وتكوين جاد للباحثين. مقترحا مجموعة من الدعامات المؤسسية لتصحيح المسار، دفاعًا عن جامعة منتجة، نزيهة، وقادرة على القيادة الأكاديمية.
الكلمات المفاتيح:
البحث العلمي، المجلات المفهرسة، النشر الأكاديمي، الجامعة المغربية، الترقي العلمي، المجلات المفترسة، النزاهة العلمية، القيادة الأكاديمية، الجودة في التعليم العالي، الإصلاح الجامعي
توطئة: حين يختل ميزان الجودة في مؤسسات المعرفة
لا يمكن الحديث عن جامعة مغربية ذات إشعاع معرفي دون التوقف عند أزمة البحث العلمي الجامعي، التي لم تعد مجرد ملاحظة عرضية، بل أضحت مرضًا مزمنًا يهدد كيان المؤسسة الأكاديمية وسمعتها. منذ اعتماد شبكة الترقي سنة 2015 التي منحت أولوية قصوى للنشر الأكاديمي، نشأت بيئة ملائمة لتضخم النشر الرديء، وتكاثر المجلات الطفيلية، وتحولت الجامعة إلى مسرح مفتوح لأشكال من “الاسترزاق العلمي”.
لقد دققتُ، شخصيًا، ناقوس الخطر بشأن هذا الانحراف منذ سنة 2022، ونبهت إلى خطورته على الجامعة والمجتمع، عبر مقالات ونداءات كانت تجد صدًا متحفظًا أو صمتًا مريبًا في كثير من الأحيان. واليوم، ورغم إقدام الوزارة الوصية على خطوة أولى تتمثل في تحديد لائحة المجلات المعتمدة Scopus)، WOS، PRSM، Cairn، (ERIH Plus بالنسبة لطلبة الدكتوراه، فإن الوضع لا يزال يتطلب معالجة أكثر جذرية وشمولية، تشمل منظومة الترقي الأكاديمي، وضمان الشفافية، واسترجاع مكانة الباحث النزيه.
1. جذور الأزمة : عندما يصبح النشر العلمي سلعة
مع تفشي المجلات التجارية وغير المحكمة، أصبح بإمكان أي شخص أن ينشر مقالا في بضع ساعات مقابل مبلغ مالي. وهذا ما أدى إلى تكوين “سوق سوداء أكاديمية”، لم تسلم منها حتى بعض المجلات المصنفة. وقد أظهرت تحقيقات دولية حجم الكارثة، أبرزها:
– تحقيق جريدة لوموند الفرنسية (7 يوليو 2025) بعنوان: “عالم المجلات العلمية على وشك الاختناق”، والذي كشف تواطؤ مجلات مفهرسة مع شبكات تجارية تهدف للربح على حساب الجودة.
– قاعدة بيانات RetractionWatch، التي وثّقت آلاف الحالات من النشر الزائف أو المتحايل عالميًا.
تحليل منشور في (PubMed Central) رقم المرجع: (PMC11781634-2035) ، والذي أظهر أن حتى بعض المجلات المعترف بها قد تورطت في قبول أبحاث مشكوك فيها، مما وضع جامعات عديدة، منها جامعات مغربية، تحت مراقبة مؤسسات دولية، في “القائمة الحمراء”، أو “البرتقالية”.
وهكذا، أصبحنا أمام صورة أساتيذ باحثين وطلبة باحثين ينتجون مقالات بلا قيمة علمية حقيقية، فقط للحصول على ترقية أو مناقشة أطروحة، مما أضر بسمعة الجامعة المغربية، وأسهم في تراجع ترتيبها في التصنيفات الدولية.
2. لماذا تبقى خطوة الوزارة غير كافية؟
رغم أهمية المذكرة الأخيرة الصادرة عن الوزارة الوصية والتي حدّدت لائحة المجلات المعترف بها، فإن الإجراء يظل:
– مقتصرًا على الطلبة الباحثين، دون أن يشمل نظام ترقية الأساتذة الباحثين.
– شكليًا في غياب آلية مراقبة فعلية لجودة المحتوى، وليس فقط اسم المجلة.
– غير مصحوبٍ بتكوين ممنهج للطلبة والأساتيذ في مجال النشر العلمي، والأخلاقيات البحثية، ومنهجية التحكيم.
بل إن بعض المجلات المدرجة في القوائم المعترف بها قد أُدينت في التحقيقات الدولية نفسها، ما يطرح تساؤلات حول المعايير المعتمدة، ويدعو إلى مراجعة شاملة وشجاعة للمنظومة.
3. ما الذي يجب فعله؟ دعائم التصحيح وبناء السمعة
أ. تفعيل منظومة تقييم علمي صارمة
– مراجعة شبكة الترقي الوطنية على أساس الجودة لا الكمية.
– إحداث لجان تقييم علمي مستقلة تكون محصنة من العلاقات الشخصية والضغوطات النقابية.
– اعتماد معايير دقيقة مثل معامل التأثير، عدد الاستشهادات، أثر البحث في الحقول التطبيقية.
ب. مراقبة أخلاقيات النشر الأكاديمي
– إحداث مرصد وطني لأخلاقيات النشر، تابع للمجلس الأعلى للتعليم أو هيئة مستقلة.
– فرض تصريح أخلاقي مع كل نشر (بيان خلو من التضارب، الإفصاح عن المساهمين الفعليين…).
– التصدي بحزم لظاهرة “التأليف الشكلي” أو “التآزر الزائف”.
ج. تكوين الباحثين وتأهيلهم
– إدماج وحدات خاصة بـ منهجية النشر وأخلاقياته في تكوين طلبة الدكتوراه.
– تحفيز النشر المؤسسي بدل المبادرات الفردية المتناثرة.
– إشراك الطلبة في مشاريع بحث جماعي داخل مراكز وفرق بحث معترف بها.
د. تعزيز الانفتاح والتواصل العلمي
– دعم مشاركة الباحثين في الندوات الدولية الجادة.
– التعاقد مع مجلات محترمة للنشر التشاركي باسم الجامعة.
– بناء استراتيجية إعلامية لترويج أبحاث الأساتذة المتميزين كواجهة للجامعة.
4. من النشر إلى القيادة : أي جامعة نريد؟
إن ما ندافع عنه ليس مجرد تحسين صورة خارجية للجامعة، بل بناء قيادة أكاديمية مغربية يكون عمادها النزاهة، والتميز، والمساءلة. فالجامعة، كي تقود، يجب أن تنتج معرفة ذات جدوى، وأن تحصّن نفسها ضد الريع العلمي، وأن تحتفي بالباحث الجاد لا صاحب العلاقات.
لا يهم أن نحتل موقعًا في تصنيف عالمي معين، إن لم نكن مؤمنين بأن الجامعة هي عقل الأمة وضميرها العلمي. ومتى استعدنا ذلك الإيمان، ستعود الجامعة إلى القيادة لا التبعية، وإلى التأثير لا الترويج.
عود على بدء: من الإنذار إلى الفعل
لقد أُطلقت التحذيرات، ونُشرت التحقيقات، وتمت الفضيحة. واليوم لم يعد مجديًا أن نتحدث عن المشكلة فقط، بل ينبغي الانتقال إلى الفعل المؤسسي، ووضع الباحث النزيه في موقع الريادة. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو التالي: هل نحن مستعدون فعلاً لمواجهة الرداءة؟ أم سنكتفي دائمًا بالترقيع والسكوت؟
لعل الجواب هو ما سيحدد مستقبل الجامعة المغربية، وشرعية طموحها في قيادة معرفية حقيقية
Docteur Mohamed MAHASSINE
– University Professor
– Head of Department at the National Business School (ENCG-M)
– Vice-president of the International Association of
University Professors and lecturers (IAUPL)
– Founder & Chief Executive Officer (CEO) of
NLPPerformanceInternationalEditions.
– Co-fondateur NLP Performance
– Pdt. AMECLUF
– P.S.G.SNASUP
– Ex-Director of L.C.G.E
– Cadi Ayyad-Marrakech University (UCAM)
GSM: (+212) 661102630
Tél/fax: (+212) 524341598



