أصدرت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بيانا جديدا يظهر أرقامًا مذهلة حول أدائها المالي خلال سنة 2023، ويُشيد بالقدرة على العودة إلى الربحية رغم التحديات السوقية.
ومع ذلك، يثير هذا البيان بعض الشكوك حول مدى شفافية تقارير المكتب بخصوص مداخيله وعائداته ومآلات صرفها على الوجه الأصح.
أولا، يتحدث البيان عن أرقام خيالية للمعاملات والأرباح دون تقديم تفاصيل دقيقة حول مصادر هذه الأرباح. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الأرباح ناتجة عن أنشطة مستدامة أم من أخرى غير مستدامة.
ثانياً، يتحدث البيان عن زيادة هامش الربح والإيرادات دون ذكر التأثير البيئي والاجتماعي لأنشطة المجموعة. هل تمثل هذه الأرباح استفادة على حساب البيئة أو حقوق العمال والساكنة؟ ساكنة خريبكة؟ ساكنة آسفي والنواحي مثلا؟
للأسف الشديد، لا يُقدم البيان أي تقدير لهذه الجوانب الأخرى المهمة.
ثالثاً، يتحدث البيان عن استمرار الاستثمار في الاستدامة دون تفاصيل أخرى حول كيفية تنفيذ هذه الاستثمارات أو مدى فعاليتها. ومن المهم جدا أن يتم توضيح كيفية تحقيق المجموعة لأهداف الاستدامة وما إذا كانت هذه الاستثمارات تؤثر بشكل فعال على البيئة والمجتمع.
في النهاية، يجب على مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط أن تكون أكثر شفافية في تقاريرها المالية وتوضح بشكل أوضح مدى استدامة وأخلاقيات أعمالها. كما يجب عليها أن تتحمل المسؤولية الكاملة تجاه الجوانب البيئية والاجتماعية لعملياتها وأثرها على المجتمع المسفيوي، على سبيل المثال، والمغربي بشكل عام.
لكن من يطلع على بيان المجموعة، يقف على بعض الملاحظات، نسردها على الشكل التالي:
الشفافية في التقارير المالية:
يجب على المجموعة أن تتبنى معايير شفافة وواضحة في تقاريرها المالية، بما في ذلك توفير معلومات دقيقة وشاملة حول كيفية حساب الأرباح والمصروفات والاستثمارات. ويجب أن تكون هذه التقارير مفهومة للمستثمرين والمجتمع بشكل عام، دون تضليل أو إخفاء للمعلومات الحيوية.
تأثير الأنشطة على البيئة والصحة العامة:
ينبغي على المجموعة أن تقدم تقارير دورية وشاملة حول تأثير أنشطتها على البيئة والصحة العامة، بما في ذلك معالجة المخلفات وتلوث المياه والهواء وآثارها على المجتمعات المحلية والنظم البيئية.
الالتزام بمعايير العمل الدولية: يجب على المجموعة أن تعمل وفقًا لمعايير العمل الدولية وضمان حقوق العمال وظروف عمل آمنة وعادلة. ينبغي للمجموعة أن تتبنى ممارسات العمل المستدامة وتعزيز التنمية المهنية والاجتماعية لموظفيها.
تأثير الأنشطة على المجتمعات المحلية: ينبغي على المجموعة أن تقيم تأثير أنشطتها على المجتمعات المحلية وتتبنى إجراءات لتعزيز التنمية المستدامة ودعم المبادرات المجتمعية المحلية، بما في ذلك التعليم والصحة والبنية التحتية.
الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية:
يجب على المجموعة أن تتبنى سياسات واضحة للمسؤولية الاجتماعية والبيئية وتعمل على تحقيق التوازن بين الربحية والأثر الاجتماعي والبيئي لأنشطتها.
باختصار، ينبغي على مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط أن تتبنى ممارسات أعمال مستدامة وشفافة وأن تعمل على تحقيق التوازن بين الأرباح والمسؤولية الاجتماعية والبيئية.
في الختام، يجب على مصطفى التراب، المدير العام الذي عمر لسنوات عديدة، أن يدرك أن الزمن قد حان لكي يترك مكانه لكفاءات أخرى أكبر وأهم داخل مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط. فعلى الرغم من تحقيقه لإنجازات مهمة وقيادته للمجموعة خلال فترات صعبة، إلا أن استمراره في المنصب قد يحول دون دخول رياح التجديد والابتكار إلى أروقة المكتب.
إن توجيه المجموعة نحو مستقبل أكثر استدامة ونجاحًا يتطلب تجديد الدماء واستقطاب الكفاءات الجديدة التي تمتلك الرؤية والمهارات اللازمة لتحقيق الأهداف المستقبلية. ويجب على مصطفى التراب أن يظهر القيادة الحكيمة والتفهم لأهمية هذه الخطوة، وأن يساعد في تسهيل عملية انتقال كرسي المسؤولية بسلاسة، مما سيسمح للمجموعة بالاستمرار في التطور والنمو بثقة وقوة في السنوات القادمة.
محمد البودالي