محمود حكميان*
مثلما کان مجئ النظام الحالي في إيران الى الحکم قد أحدث ضجة وصخبا نجم عنه أحداث وتطورات غير عادية وحتى غير مسبوقة ليس على صعيد المنطقة والعالم فحسب بل وحتى على صعيد إيران ذاتها، فإن سقوطه سيکون له بالضرورة حتما تأثيرا نوعيا على إيران والمنطقة والعالم.
لسنا نطلق هذا القول جزافا أو کمجرد فرضية کبناء على أساس حتمية أن يکون النظام الآتي بهذه الصورة أو التصور، وإنما نستند على مٶشرات ومعطيات مختلفة ترتبط إرتباطا وثيقا بمسار الاحداث والتطورات والخط العام للأوضاع في إيران وماقد آلت إليه والآفاق التي يمکن التطلع والنظر إليها وفق ذلك.
من الواضح جدا بأن التغيير الذي حدث في إيران بعد نظام الشاه وتمکن التيار الديني المتطرف في الثورة الايرانية بقيادة الخميني من أن يمسك بزمام الامور، قد کان تغييرا سلبيا في خطه العام سواءا بالنسبة لإيران حيث إستمرار دکتاتورية الشاه برداء ديني ولکن بنوعية أکثر فظاعة ودموية أو بالنسبة للمنطقة حيث خضوع 4 بلدان منها لهيمنة ونفوذ هذا النظام وتخوف وحذر البقية الاخرى منها، أو بالنسبة للعالم حيث إقترنت ظاهرة التطرف والارهاب بهذا النظام وصار بمثابة بٶرة ومرکزا لها.
ولعل أخطر مافي هذا النظام، هو إنه لم يمد نفوذه وهيمنته على بلدان بالمنطقة کتکتيك أو کأمر طارئ لفترة زمنية محددة، بل إنه قد قام بذلك على أساس استراتيجي وصل الى حد ربط مصير نفوذه وهيمنته على هذه البلدان بمصيره، حيث إنه صار واضحا للمنطقة والعالم إستحالة تخلي النظام عن نفوذه وهيمنته على بلدان المنطقة بل وحتى سعيه من أجل إستنساخ تجربته عليها وجعلها تابعة وملحقة به قلبا وقالبا.
هناك ثمة أمر لابد من ملاحظته جيدا والبحث فيه بهدوء وروية، وهو؛ هل إن الشعب الايراني يٶيد فعلا نهج النظام الايراني بصورة عامة سواءا بالنسبة للأوضاع في داخل إيران أو بالنسبة لما فعله ويفعله هذا النظام على الصعيد الاقليمي والدولي؟ إندلاع 4 إنتفاضات عارمة وبشکل خاص الثلاثة الاخيرة منها، أوضحت تقاطعا وتضادا واضحا بين الشعب الايراني وبين النظام فيما يتعلق بنهجه هذا داخليا أم خارجيا وحتى إن إنتفاضة 16 سبتمبر أو إنتفاضة مهسا أميني، کانت بمثابة موقف شعبي إيراني رافض للنهج المتشدد لهذا النظام والسعي من أجل إسقاطه.
کما إنه من المفيد جدا هنا التذکير بشعارات رافضة لنهج النظام على الصعيد الاقليمي وکنموذج ومثال حي ذلك شعار”لا غزة ولا لبنان روحي فداء لإيران”، لذلك لايمکن أبدا القول بأن الشعب الايراني متفق مع النظام وموافق على نهجه بل وإن العکس صحيح تماما.
هذا التقاطع والتضاد بين الشعب والنظام، هل هو مبني على أساس معين وواضح من جانب الشعب أم إنه مجرد مظاهر إنفعالية وفوضوية وحتى تآمرية کما يزعم النظام ويٶکد على ذلك؟ أو بکلام أکثر دقة؛ هل هناك معارضة وطنية واضحة المعالم لهذا النظام بحيث يمکن إعتبارها بديلا له؟ من الواضح جدا إن أکثر موضوع يثير غضب النظام بل وحتى يجعله يفقد صوابه، هو التأکيد على إن هناك معارضة ضده، معارضة تستمد قوتها من داخل إيران، وتتوضح الصورة أکثر من خلال الموقف الحدي والصارم للنظام من أي نشاط معارض له يستهدف وجوده وإن قانون”المحاربة” المتطرف ضد کل من ينهض بوجه النظام نموذج على ذلك.
ونعود الى موضوع المعارضة بوجه النظام لکونه مرتبطا بسياق موضوع مقالنا هذا، ونتساءل؛ هل هناك معارضة فعالة ومٶثرة بوجه النظام بحيث يمکن الاعتماد والتعويل عليها کذخيرة لمستقبل إيران وتحديدا مابعد سقوط هذا النظام؟ للإجابة على هذا السٶال يجب إستنباط وإستخلاص الاجابة من قادة النظام نفسهم، والملفت للنظر هنا إن منظمة مجاهدي خلق تميزت بکونها تحظى بالاهمية الکبرى من جانب النظام بهذا الصدد ولاسيما من حيث کونها معارضة عامة تختص بعموم الشعب الايراني ومختلف مکوناته وأطيافه وأعراقه وأديانه دونما تمييز، والاهم من ذلك إن معظم الانتفاضات التي إندلعت بوجه النظام تم توجيه أصابع الاتهام للمنظمة دونما غيرها.
منظمة مجاهدي خلق، تعتبر أحد الاطراف الاساسية في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، ولها برنامج سياسي واضح تجاه مستقبل إيران مابعد سقوط أو إسقاط هذا النظام يتجلى في البرنامج السياسي للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية بهذا الصدد وکذلك ببرنامج العشرة نقاط للسیدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الايرانية حيث يتوضح من خلال هذين البرنامجين موقفا وخطة واضحة المعالم لنظام سياسي في إيران يجعل من إيران قوة أساسية ليس في إستتباب الامن في المنطقة فقط بل وحتى المحافظة عليها أما بالنسبة للداخل، فيکفي أن نشير الى أن برنامج مريم رجوي يٶمن بمبادئ حقوق الانسان وبحقوق المرأة ومساواتها بأخيها الرجل والفصل بين الدين والسياسة والحكم الذاتي ورفع الاضطهاد المزدوج عن القوميات والإثنیات الإيرانية على غرار مشروع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لمشروع الحكم الذاتي لكردستان إيران، ومن دون شك فإن حکم هکذا نظام ديمقراطي إنساني في إيران کفيل بأن يمنح الامان والطمأنينة ليس لإيران فقط وإنما للمنطقة والعالم أيضا.
*عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني