يواجه موسم الزيتون في المغرب لعام 2024 تحديات كبيرة، حيث شهد انخفاضًا ملحوظًا في الإنتاج مما أدى إلى ارتفاع أسعار كل من الزيتون وزيت الزيتون بشكل غير مسبوق مقارنة بالسنوات السابقة. هذا التوجه يضع العديد من المعاصر في موقف حرج بسبب تراجع الإنتاج، مما ساهم في إغلاق بعض المعاصر وتقليص العمالة الموسمية.
وفقًا للمعطيات، انخفض إنتاج الزيتون في المغرب بنحو 50 بالمائة عن متوسط الإنتاج الذي تم تسجيله منذ عام 2001. ويرجع هذا الأمر إلى تأثير سنوات الجفاف المتوالية، حيث تخضع أشجار الزيتون لظروف مناخية غير ملائمة، بما في ذلك موجات حرّ متسارعة أثناء فترة الإزهار. كما تراجع مستوى المياه الجوفية بشكل ملحوظ، مما أثر سلبًا على المردودية وجودة المحاصيل.
وفي هذا السياق، أوضح مصطفى كمال، عضو تعاونية زيت الزيتون بقلعة السراغنة “Top Olives”، أن الإنتاج الحالي قد شهد تراجعًا يفوق 20 بالمائة مقارنة بالموسم الماضي. وهذا التراجع يُعزى إلى الظروف الجوية القاسية، مما أدّى بدوره إلى ارتفاع حاد في الأسعار، حيث تتراوح أسعار الزيتون حاليًا بين 12 و16 درهماً للكيلوغرام، بعد أن كانت تتراوح بين 10 و11 درهماً.
أما بالنسبة لأسعار زيت الزيتون، فقد ارتفعت هي الأخرى، إذ يُباع اللتر الواحد حاليًا بين 100 و110 دراهم، بينما كان سعره يتراوح بين 85 و90 درهماً في الموسم السابق. هذا الارتفاع الواسع في الأسعار يؤثر سلبًا على إقبال المستهلكين، حيث يميل الكثيرون إلى الانتظار لاستيراد الزيت بسبب الإجراءات الحكومية المتوقعة لتشجيع هذه العمليات.
تُظهر البيانات أن انخفاض الفرشة المائية وندرة الموارد المائية تُلقي بظلالها على إنتاج الزيتون في كافة المناطق المغربية، مما يُلحق الضرر بشكلٍ خاص بالمزارعين الصغار الذين عانوا من فقدان نسبة كبيرة من أشجارهم المثمرة. الفاطمي بوركيزية، رئيس جمعية التنمية الفلاحية بجهة الدار البيضاء-سطات، أكد أن القيود المفروضة على استخدام مياه السدود في السقي قد زادت من صعوبة الموقف بالنسبة للفلاحين.
إن أهمية سلسلة إنتاج الزيتون، التي تشكل 68 بالمائة من مساحة الأشجار المثمرة بالمغرب، وحالة العمالة التي توفرها، تتسق مع التحديات التي تواجه القطاع. على الرغم من أن هذا القطاع يوفر أكثر من 50 مليون يوم عمل سنويًا، إلا أن استمرار تراجع الإنتاج يُعرّض العديد من المعاصر للغلق وفقدان فرص العمل.
استجابةً لهذه الأوضاع العصيبة، اتخذت الحكومة خطوات للحد من تصدير الزيتون وزيت الزيتون، إضافةً إلى تبني إجراءات لتشجيع استيراد الزيت، وذلك ضمن استراتيجية لضمان التمونية المستمرة للسوق الوطنية. تشمل هذه الإجراءات تحسين إجراءات الاستيراد وإلغاء الرسوم، كخطوة نحو استقرار الأسعار وزيادة التوافر.
يعكس هذا الوضع الحالي أهمية الحاجة إلى استراتيجيات وطنية لمواجهة التغيرات المناخية ولتنمية الموارد المائية، وذلك لضمان استدامة قطاع الزيتون ودعم المزارعين في مغرب يواجه تحديات مناخية واقتصادية متزايدة.