يشهد قطاع التصنيع العسكري في المغرب تطوراً ملحوظاً، حيث تسعى المملكة إلى تعزيز مكانتها كقوة إقليمية من خلال تطوير صناعاتها الدفاعية. هذا التوجه يعكس التزام المغرب ببناء صناعة عسكرية قوية لتلبية احتياجاته الدفاعية محلياً وتصدير الفائض إلى الأسواق العالمية، مدفوعاً بنجاحاته السابقة في مجالات تصنيع السيارات والطائرات، والتي جعلت منه شريكاً موثوقاً في المجال الصناعي الدولي.
ووفقاً لتقرير حديث، فإن المغرب يخطو خطوات ثابتة نحو ترسيخ حضوره في صناعة الدفاع، حيث أبرم عدة شراكات استراتيجية مع شركات عالمية، كان من أبرزها الاتفاقية مع الشركة الهندية “تاتا غروب” لإنتاج مركبات قتالية. هذا الاتفاق يهدف إلى تلبية الطلب الداخلي على المعدات العسكرية مع فتح آفاق للتصدير إلى الخارج، مما يعزز من قدرات المغرب العسكرية ويقلل من اعتماده على واردات الأسلحة.
وفي إطار هذا التوجه، أعلنت السلطات المغربية في يونيو الماضي عن خطط لإنشاء منطقتين صناعيتين متخصصتين في تصنيع وتجميع المعدات العسكرية، وذلك بعد موافقة المجلس الوزاري على مشاريع قوانين تهم قطاع الدفاع. وتأتي هذه المبادرات ضمن استراتيجية شاملة تستهدف تطوير البنية التحتية الصناعية العسكرية في مناطق محددة، مثل منطقة النواصر، لجذب الاستثمارات وتوطين التكنولوجيا في مجال التصنيع الحربي.
تعكس هذه الجهود أيضاً رغبة المغرب في تحقيق سيادة كاملة على قراراته الدفاعية، وتقليل اعتماده على الأسواق الخارجية، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجهها المنطقة. وأكد الوزير المنتدب لدى إدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، في تصريحات سابقة، أن الميزانية الدفاعية الحالية لا تزال بحاجة إلى تعزيز لمواكبة المتطلبات الأمنية، وقد ارتفعت بالفعل إلى 124.7 مليار درهم لعام 2024.
يأتي هذا التوجه في ظل تزايد واردات الأسلحة المغربية، حيث يحتل المغرب المرتبة 29 عالمياً في استيراد الأسلحة والثاني على مستوى إفريقيا. ووفقًا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن المغرب يستحوذ على 0.9% من إجمالي واردات الأسلحة في العالم، ليحتل المرتبة السابعة بين الدول العربية في هذا المجال خلال الفترة من 2009 إلى 2023.
وعلى مستوى الصناعات الجوية، تمكن المغرب من جذب 142 شركة عالمية متخصصة في صناعة الطيران، مما وفر حوالي 20,000 فرصة عمل وساهم في رفع صادرات القطاع إلى 21 مليار درهم عام 2022، بزيادة قدرها 40% مقارنة بالعام السابق.
من خلال هذه الاستراتيجيات، يثبت المغرب أنه يتجه بخطى ثابتة نحو تحقيق صناعة دفاعية محلية قوية، تعزز من استقلاله وتضمن له موقعاً راسخاً في الساحة الدولية، مستفيداً من نجاحاته في القطاعات الصناعية الأخرى وتجاربه الواسعة في الشراكات الدولية.