كشف أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عن أرقام صادمة حول واقع التأمين الصحي الإجباري في المغرب، مسلطاً الضوء على الاختلالات التي تواجه هذا القطاع الحيوي. وأشار الشامي، خلال عرض رأي المجلس حول تعميم التأمين الصحي الأساسي، إلى أن النسبة الأكبر من نفقات التأمين الصحي الإجباري تتوجه نحو مؤسسات العلاج والاستشفاء الخاصة، وذلك بسبب “ضعف عرض القطاع العام”، الذي يعاني من تحديات كبيرة تحول دون تلبية احتياجات المواطنين.
وأورد الشامي أن حوالي 95% من نفقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) و80% من نفقات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) تصرف في القطاع الخاص. هذه الأرقام، وفق تعبيره، تعكس اختلالاً هيكلياً يتطلب معالجة جذرية لتعزيز دور القطاع العام، بما يضمن تحسين خدماته وجعلها في متناول فئات أوسع من المواطنين.
في المقابل، أشار الشامي إلى التحسن الذي شهدته نسبة التغطية الصحية الإجبارية، حيث ارتفعت إلى 86% مقارنة بـ60% عام 2020، وهو تطور إيجابي يعكس نجاح السياسات الحكومية في توسيع قاعدة المستفيدين. كما لفت إلى ارتفاع كفاءة معالجة الملفات الصحية، حيث تضاعف عدد الملفات اليومية المُعالجة من 22 ألفاً في عام 2021 إلى 100 ألف في 2024.
ورغم هذه التطورات، لا تزال هناك تحديات كبيرة تعرقل تحقيق العدالة الصحية. وفقاً للشامي، يظل حوالي 8.5 مليون مغربي خارج منظومة التأمين الصحي، بينهم 5 ملايين غير مسجلين و3 ملايين محرومون من حقوقهم لأسباب مختلفة. هذه الفجوة الكبيرة تستدعي اتخاذ تدابير استعجالية لتوسيع نطاق التغطية الصحية وضمان شمولها لكافة الفئات الاجتماعية.
وأشار رئيس المجلس إلى أن المصاريف الصحية التي يتحملها المؤمنون تشكل حوالي 50% من إجمالي التكاليف الصحية، وهي نسبة تتجاوز بكثير السقف الموصى به دولياً، والمحدد عند 25%. هذه الوضعية تزيد من العبء المالي على الأسر المغربية، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف العلاج والأدوية.
تأتي هذه التصريحات لتفتح نقاشاً واسعاً حول ضرورة إصلاح شامل لمنظومة التأمين الصحي، عبر تعزيز قدرات القطاع العام، وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين في الولوج إلى الخدمات الصحية. كما تبرز الحاجة الملحة لتبني سياسات مبتكرة تقلل من تكاليف العلاج على المواطنين، وتحفز الاستثمارات في البنية التحتية الصحية العمومية لتحسين جودتها واستيعابها.