(الخلاف العقدي وأثره في الخلاف الفقهي: دراسة نظرية تطبيقية)؛ إصدار جديد للدكتور الباحث عمر اغبالو

إن لله تعالى في هذا الكون سننا جارية، لا تتغير، ولا تتبدل، ومنها سنة الاختلاف التي طالت عالم الإنسان وغيره من العوالم، فكانت آية من آيات الله الدالة على عظيم قدرته، وإرادته، وحكمته في صنعته، وتفرده بالخلق، والتدبير.


واختلاف الإنسان يشمل الاختلاف في الألسنة، والألوان، والأفهام، والاختلاف في الفهم، كان وما زال أحد أسباب اختلاف العلماء في الأحكام الشرعية، وهذا أمر لا ينقص من قيمة الشريعة في شيء، ولا يستغرب من وجوده، كما قد يظن بعض من لا علم له، أو من يريد النيل من هذا الدين في كل زمان ومكان؛ وذلك باعتراضهم على بعض أحكامه، كقولهم: كيف يسوغ فيه الاختلاف، ومصدره واحد، وهو الله، ومبلِّغه واحد، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
لكن هذا الاستغراب، ومثل هذه التساؤلات تزول حينما يعلم المرء أن هذا النوع من الاختلاف له أسباب موضوعية أوجدته، وله قواعد علمية أطرته، وأن هذا الاختلاف مقصور على الأمور التي تقبل التغيير، وهي الأمور التي جاءت الشريعة فيها بقواعد كلية، تطال كل الوقائع، والنوازل، والمستجدات في كل عصر، ومصر، وأما الأمور الثابتة فلم يختلف فيها علماء المسلمين المعتبرين؛ لأن نصوص الشريعة فصلت فيها، ووضحتها توضيحا محكما بينا لا يقبل الخلاف بحال من الأحوال، وما يحكى فيها من الاختلاف من بعض الشواذ والمعاندين، فهو ليس في محله، وليس من أهله؛ ولذلك لا يعتد به، ولا يعيره علماء الأمة أي اهتمام.
وهذا الإصدار سيقارب الاختلاف المحمود المقبول الذي يطال الأحكام الفرعية، العقدية، والفقهية، وقد أثرى هذا النوع من الاختلاف الشريعة الإسلامية وأغناها، ولم يطعن في شيء منها، بل كان توسعة على الأمة.
وفي مقابل هذا الاختلاف المقبول، هناك اختلاف مذموم ومردود، وهو الذي له أسباب غير موضوعية، وغير معتبرة عند أهل العلم المعتبرين، كما سنراها في ثنايا هذا البحث إن شاء الله تعالى.
وكل من هذين الاختلافين قد أولاهما علماء المسلمين في القديم والحديث اهتماما خاصا، فألفوا فيهما كتبا ورسائل، سجلت فيهما المناظرات والحوارات التي جرت بين العلماء، بيد أن الاختلاف المذموم ذكروه مع أسبابه؛ ليبينوا مدى خطورته على الأمة، وأما الاختلاف المقبول، فقد وضعوا له قواعده التي تمكن المطلعين عليها من رد الشبه التي يطرحها بعض ضعفة الإيمان، أو من لا إيمان له، كما تمكنهم من معرفة أسبابه، وسبل تدبيره؛ لبيان كيفية التعامل معه.
ومن عرف ذلك مع الإنصاف للحق، رفع الملامة عن أئمة الهدى، وأحب الجميع، ووقى نفسه من التعصب المذموم، وأسهم في وقاية أمته من الوقوع في المهالك.
محتويات الكتاب:
تناول هذا الإصدار دراسة الخلاف المحمود في مجالي العقيدة والفقه من جانبين:
الأول: الجانب النظري: الذي عني بتحديد المفاهيم الأساسية، التي منها الخلاف والاختلاف في مجالي العقيدة والفقه، وتاريخهما وأسبابهما، وسبل تدبيرهما، وامتدادهما، مع بيان تقسيمات الاختلاف بصفة عامة.
الثاني: الجانب التطبيقي: الذي عني بدراسة نماذج عقدية، كان الخلاف فيها بين المدارس الكلامية سببا في اختلاف العلماء في بعض الأحكام الفقهية.
وجاء هذا البحث في مقدمة، وفصل تمهيدي، وثلاثة فصول، وخاتمة.
فالفصل التمهيدي: خصصه لتحديد المفاهيم، والفصل الأول: تناول فيه الحديث عن الخلاف العقدي، من حيث نشأته وأسبابه، وفوائد معرفته، وسبل تدبيره، وامتداده، وكذلك صنع في الفصل الثاني الذي تناول فيه الحديث عن الخلاف الفقهي من الحيثيات المتقدمة في الخلاف العقدي، بينما تناول في الفصل الثالث: الحديث عن أثر الخلاف العقدي في الخلاف الفقهي، واقتصر على دراسة ثلاثة نماذج:
الأول: الخلاف في مفهوم الإيمان وأثره في الخلاف الفقهي.
الثاني: الخلاف في إيمان المقلد وأثره في الخلاف الفقهي.
الثالث: الخلاف في مفهومي التحسين والتقبيح وأثرهما في الخلاف الفقهي.
ثم ذيل البحث بخاتمة لنتائجه وخلاصاته.

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني