سعيد بنجبلي يرحل منتحرًا بأمريكا.. نهاية مأساوية لمسارٍ متقلّب من الدين إلى الإلحاد

 

في خبر مؤلم هزّ الوسط الحقوقي والسياسي المغربي، وُجد الناشط المغربي السابق سعيد بنجبلي جثة هامدة داخل غرفة فندق بمدينة بوسطن الأمريكية، بعدما أقدم على الانتحار، وفق ما أكدته مصادر قريبة من الراحل، مرفقة برسالة مؤثرة خطها بخط يده قبل أن يُسلم الروح إلى بارئها، بتاريخ 21 أكتوبر 2024، وظلّ محتفظًا بها إلى أن حانت ساعة الحقيقة.

سعيد بنجبلي ليس اسمًا عابرًا في المشهد العام المغربي، فقد كان في شبابه عضوًا بارزًا في جماعة “العدل والإحسان” ذات المرجعية الإسلامية، ثم انشق عنها لاحقًا لينخرط في صفوف حركة 20 فبراير خلال الحراك الذي عرفه المغرب سنة 2011، قبل أن يعلن في ما بعد خروجه من الدين الإسلامي بشكل صريح، ويتحول إلى أحد الأصوات الجريئة في نقد التراث الديني والتجارب السياسية الإسلامية.

عانى بنجبلي، بحسب ما ورد في رسالته الأخيرة، من اضطراب ثنائي القطب منذ أن كان في العقد الثالث من عمره، وهو ما أثر بشكل بالغ على حياته النفسية والمهنية، إلى درجة أنه وصف معاناته بالقول: “جعلني عاجزًا عن تحقيق أي تقدم في حياتي، وعاجزًا عن تذوق لذتها، وصار الموت يبدو لي خيارًا وحيدًا، عاجله خير من آجله”.

وفي رسالة الوداع المؤثرة، قدّم بنجبلي اعتذاره لعائلته الصغيرة، ولأصدقائه، ولجميع من عرفه، أو خالطه أو اختلف معه، وخصّ بالذكر ابنه الذي قال إنه تركه وهو لا يزال طفلًا، معبّرًا عن شعوره بالذنب والحزن حيال ذلك.

كما دعا بنجبلي أصدقاءه إلى العناية بعائلته في غيابه، مشيرًا إلى أنه لم يترك ما يغطّي حتى تكاليف جنازته، مُوصيًا بحرق جثمانه في حال قبِلت عائلته بذلك، أو دفنه في أمريكا إن تعذر الأمر.

وفاته فتحت نقاشًا واسعًا على المنصات الاجتماعية، بين من رأى فيها نهاية مأساوية لرجل أنهكته المتاهات الفكرية والنفسية، وبين من حمّله مسؤولية اختياراته، بينما ركّز آخرون على ضرورة إثارة الانتباه إلى خطورة الاضطرابات النفسية التي لا تزال تُعامل في مجتمعاتنا بنوع من التحقير واللامبالاة.

سعيد بنجبلي، الذي كان يومًا يلهب المنصات الافتراضية بخطاباته، يرحل اليوم في صمت، تاركًا خلفه تساؤلات عميقة عن الثمن الذي يدفعه الإنسان حين يُمزقه صراع الهوية والاعتقاد والمعنى.

 

 

 

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني