ملك البلاد وطبيبها الأكبر… حين تتحول الرؤية الملكية إلى شفاء للوطن

لم يكن تدشين المركب الاستشفائي الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط حدثاً عادياً في تقويم السياسة العمومية، بل هو فصل جديد في السيرة الملكية لعهدٍ جعل من الإنسان قلب المشروع الوطني.

لم يكن جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهو يزيح الستار عن هذا الصرح الاستشفائي العملاق، يفتتح مجرد بناية من الزجاج والفولاذ، بل يُعلن عن ميلاد فلسفة جديدة في علاقة الدولة بصحة مواطنيها، حيث يصبح العلاج حقاً لا امتيازاً، والشفاء وعداً وطنياً لا مجرد خدمة إدارية.

منذ مطلع حكمه، اختار جلالة الملك أن يجعل من قطاع الصحة محرار العدالة الاجتماعية ومرآة كرامة الإنسان. فبين مستشفيات علاج السرطان، والمراكز الطبية الجامعية في مراكش وطنجة وأكادير، وصولاً إلى تحفة الرباط الطبية، تتبلور خيوط رؤية ملكية ترى في المستشفى ليس مكاناً للمرض، بل فضاء للأمل، ومدرسة للعلم، ورمزاً للسيادة الوطنية في زمن العولمة الطبية.

إن المركب الاستشفائي الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط، بما يحمله من تجهيزات هي الأحدث على مستوى القارة، لا يمثل فقط صرحاً علاجياً، بل نموذجاً استراتيجياً للريادة المغربية في إفريقيا، يترجم حكمة الملك في جعل الدبلوماسية الصحية جسراً آخر من جسور التعاون الإنساني. فالمغرب، بفضل هذه المشاريع، لا يداوي أبناءه فقط، بل يمد يده للأشقاء الأفارقة بعلم أطبائه وتجربته في تكوين أطرهم، ليصبح الطب المغربي سفيراً ناعماً لقيم التضامن.

وفي الجنوب، حين وجّه جلالته تعليماته السامية لافتتاح المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بأكادير، لم يكن الأمر مجرد قرار إداري، بل رسالة في العدالة المجالية، مفادها أن صحة المواطن في أكادير لا تقل شأناً عن نظيره في الرباط، وأن التنمية لا تكتمل إلا حين يشعر كل مغربي بأن العلاج قريبٌ منه كما الأمل.

بهذين الورشين العملاقين، يضع جلالة الملك محمد السادس توقيعه على خريطة مغرب المستقبل: مغرب يؤمن بأن التنمية تبدأ من سرير مريض، وأن أعظم الاستثمارات هي تلك التي تُنفق في الإنسان.

إنها ليست فقط سياسة صحية، بل رؤية حضارية تؤمن بأن الأمم تُقاس بعدد قلوبها التي تشفى، لا بعدد أبراجها التي تُبنى.

ومتى كان للملك أن يكون طبيب الجسد، فقد اختار أن يكون طبيب الروح الوطنية أيضاً، يعالج ما أنهكها من تهميش، ويعيد إليها عافيتها بالعدل، والرؤية، والإنسانية.


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني