الرباط: كواليس
يبدو أن التصرفات الانفعالية لبعض رجال السلطة مازالت تضع الدولة في مواقف محرجة أمام الرأي العام والقضاء، وهذه المرة بطل الواقعة هو قائد قيادة بني عمرو وإيت زكري بإقليم الخميسات، الذي وجد نفسه في قلب عاصفة قضائية بعد إقدامه على هدم إسطبل فلاحي مرخص بدعوى أنه غير قانوني.
وحسب المعطيات الموثقة في شكاية رسمية سُجلت لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، فإن القائد تنقل شخصياً إلى الضيعة الفلاحية المعنية، حيث واجهه المسؤول عنها حسن الدكاني بوثائق الترخيص القانوني للأشغال. غير أن هذا الأخير فوجئ برد فعل حاد من القائد، الذي دخل في موجة سبّ وشتم وتهديد.
وتضيف المصادر أن القائد أمر على الفور بهدم الإسطبل وإتلاف محتوياته، رغم توفره على التراخيص القانونية، في تصرف اعتبره المتضرر تجاوزاً خطيراً للسلطة واعتداءً مادياً دون مسوغ قانوني.
وقد تمت المطالبة بفتح تحقيق قضائي شفاف حول الواقعة وترتيب المسؤوليات القانونية والإدارية.
المحامي الذي تولى الملف استند في مذكرته القانونية إلى الفصل 24 من الدستور المغربي، الذي يضمن للمواطنين الحق في حماية ممتلكاتهم، وإلى الفصل 511 من القانون الجنائي الذي يُجرم الإتلاف العمدي لأملاك الغير من قبل موظف عمومي.
ويُعد الفصل 511 من القانون الجنائي المغربي أحد النصوص الحاسمة التي تكرّس قدسية حرمة المساكن وتحميها من أي اعتداء أو تدخل تعسفي. فالمشرع المغربي لم يكتفِ بحماية المنزل في معناه الضيق، بل وسّع نطاق الحماية ليشمل كل البنايات والملحقات التابعة له، بما في ذلك الإسطبلات والحظائر والمستودعات، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من المجال الخاص الذي يتمتع بالحماية القانونية.
ويؤكد هذا الفصل أن أي دخول أو تفتيش أو إتلاف لممتلكات داخل هذا النطاق دون إذن قانوني أو مسوغ قضائي، يُعد فعلاً مجرّماً يُعرّض مرتكبه للعقوبات المنصوص عليها في القانون، خصوصاً إذا صدر من موظف عمومي استغل سلطته أو صفته المهنية.
وبالتالي، فإن هذا النص يترجم مبدأ سيادة القانون والمساءلة، ويمنع أي سلطة، مهما كانت درجتها، من تجاوز الضوابط القانونية التي تحمي المواطن من الشطط والتعسف، وهو ما يجعل الاستناد إلى هذا الفصل في القضية المذكورة أمراً في محله قانوناً وواقعاً.
القضية أثارت اهتماماً واسعاً في الأوساط المحلية بإقليم الخميسات، خصوصاً وأنها تمسّ علاقة المواطن بالإدارة الترابية، وتضع مجدداً السؤال الحرج حول حدود السلطة القانونية للقائد، بين ممارسة الرقابة والتعسف في استعمالها.





