مروان زنيبر *
مع بدء العد التنازلي لاستدعاء الهيئة الناخبة يوم 8 يونيو القادم، شهدت نهاية الأسبوع نشاطا مكثفا لعدد من الأحزاب في الجزائر، عقب فترة ما سماها محللون “الركود “الذي طبع الحياة السياسية خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك قبيل الانتخابات الرئاسية المسبقة المقررة في السابع من شتنبر المقبل.
وشرعت عدة تشكيلات سياسية – بتعليمات من العسكر – في ضبط قواعدها الحزبية بالولايات وترتيب أوراقها، بالتزامن مع تحديد موعد الانتخابات الرئاسية المُقبلة، تمهيدا للدخول في حملة انتخابية رسمية صيف 2024، حيث باشرت عملية تنصيب أمناء ورؤساء المكاتب واللجان الانتقالية في الولايات السبع المنتدبة حديثا.
هذا وتمحور خطاب حزب العمل (يسار معارض)، حركة مجتمع السلم، حركة البناء، حركة النهضة (إسلامي معتدل)، حزب المستقبل، صوت الشعب والتجمع الوطني الديمقراطي (وطني موالي) حول التحضير للانتخابات الرئاسية، وأهمية المشاركة فيها.
وفي نفس الإطار، شرع حزب جبهة التحرير الوطني في تنصيب الأمناء الجدد في الولايات المُنتدبة الجديدة، ونفس الشيء بالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي الذي بدأ الأسبوع الماضي – هو الآخر- بعملية تنصيب رؤساء المكاتب الولائية لـ ” الأرندي” في الولايات المعنية قبل الموعد الانتخابي المقبل، والأمر كذلك بالنسبة لحركة البناء الوطني التي تواصل عملية تنصيب ممثليها في الولايات المحدثة.
وما لفت انتباه المتتبعين، ان خطابات أحزاب موالية للسلطة الجزائرية في آخر ظهور لها، تراوحت بين دعم ال ” تبون”، وبين الإشادة بالنشاط والمواقف الدبلوماسية (الوهمية) التي تحققت في عهد “كدبون”، بينما أعرب كبير –الشياتين – رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة عن ترحيبه بإعلان رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي زبيدة عسول، ترشحها للانتخابات الرئاسية، – باعتبارها ارنب سباق- يخدم اللعبة القدرة التي يسعى تحقيقه النظام العسكري، في محاولة لإضفاء المصداقية لانتخابات محسومة النتائج مسبقا وبالتالي تحقيق اجندته…. وتفيد نفس المصادر ان العسكر بتنفيذهم للمهمة القذرة المنتظرة، يخططون على ان لا يتجاوز عدد المرشحين خمسة أشخاص، مع إمكانية تجميع تكتلات حزبية لاختيار مرشح توافقي بينها، وبالتالي التحكم في مجريات الانتخابات لصالح المرشح – المختار-
ويرى مراقبون ان النظام العسكري يحاول جاهدا تدارك مهزلة النسب الضعيفة التي شهدتها الانتخابات الأخيرة، والتي افرزت تعيين ال ” تبون لمزور “، علما ان غياب الأحزاب عن الاستحقاقات، يقلل من مصداقية عهدة أو تنصيب أي رئيس… وامام ركود الساحة السياسية بعد الحراك الشعبي وضعف النشاط الحزبي وغياب المعارضة، ومقترحات النقاش الجدي على الأقل لإظهار حقيقة موجة الصمت والغموض اللذين يكتنفان الاستحقاق الرئاسي القادم، تراهن المؤسسة العسكرية بجميع الطرق، على تسويق مشاهد لا تعكس في الواقع حقيقة الوضع السياسي في الجزائر، المتسم بالتضييق على المعارضة ووسائل الإعلام…
وفي غياب الحقوق الشرعية للأغلبية الساحقة من الشعب المقهور، الذي فرضت عليه ارادات قاتلة للحريات السياسية بالفعل الانتخابي، ومكررة للانقلابات على الشرعية السياسية وعلى الاستقرار، تواصل طغمة من العساكر و الكابرانات – العجزة- تحكمها – مند الاستقلال – في انتقاء رؤساء موالين بعناية فائقة، امام مرئ نخبة الطبقة السياسية التي اصبح همها الوحيد، البحث عن تحقيق مصالحها، والمشاركة في الانتخابات ممارسة ديمقراطية ظاهرياً لا غير، بتواطؤ مكشوف مع نظام عسكري حاكم خلق الحدث عالميا، الى جانب حكام كوريا الشمالية…
*مهتم بالشؤون المغاربية