مروان زنيبر *
تباينت تفاعلات الطبقة السياسية بالجزائر مع إعلان الرئيس المزور ال ” تبون”، ترشحه لعهدة رئاسية ثانية، ففيما عبّرت فئة – الشياتين – عن دعمها للإعلان وباشرت جمع التوقيعات، وعلى رأسها حزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، وكذا أحزاب متحالفة منها حزب جبهة المستقبل وحركة البناء الوطني، اختار جزء من المعارضة التعبير عن رفضهم القاطع لترشح الرئيس ” كذبون”…
هذا وفي سابقة من نوعها منذ استقلال بلاد القوة الضاربة المزعومة، خرجت نخبة تمثل المعارضة علانية بإصدار بيان أطلق عليه ” بيان مفتوح “، رسمت من خلاله صورة قاتمة للمشهد السياسي العام في البلاد، داعية إلى رفض ما وصفتها بمهزلة الانتخابات الرئاسية، في ظل نظام عسكري ديكتاتوري…
وجاء البيان الموجه للجزائريين قاطبة، أن “اقتراع الرئاسة” القادم “سيكون إخفاقاً آخر على مدى سنوات وأخطر من سابقيه، ليس لأنه مجرد تزكية النظام لنفسه بزبانية قديمة متجددة، ولكن لأنه سيعمّق الشروخ، وسيعمل على تقسيم الشعب وفق أجندة استمرار نظام لا شرعية له، ولا مشروع بأي ثمن”. وقالوا إنه “أمام هذا التعنّت الرافض للحلول الجذرية والملموسة، وتعليق “التغيير السياسي الجاد” بدورات انتخابوية هزلية ومحسومة سلفاً، يتحتّم علينا جميعاً رسم معالم أخرى لصدّ “المجهول” الذي ينتظر الجزائر وشعبها”.
ودكر البيان بسياسة العصابة الغامضة وطنيا ودوليا ” أما إقليميا و دوليا، و بسبب غياب أدنى رؤية براغماتية للرهانات و المألات، عزل النظام الجزائر دبلوماسيا و اقتصاديا و جيو أمنيا و اختزل سياستها الخارجية و أدوارها الاستراتيجية الطبيعية في شعارات جوفاء مقدما نفسه و البلاد ضحية لمؤامرات خارجية و تهديدات دائمة، و حتى ذلك الدور الذي يسعى للعبه أمميا في قضية الابادة الجماعية و الجرائم ضد الانسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة المحرقة فإنه، و عكس أنظمة العالم أجمع، منع عن الشعب الجزائري حقه في التظاهر و التضامن كما كان يفعله دوما في مسيرات حراكه السلمي”
واشار البيان كذلك للمنظومة الفاشلة للعصابة، في التعامل مع الحقوق والحريات حيث جاء في هذا الباب ” ولأجل ذلك، قتل النظام العسكري أبجديات السياسة وأغلق الفضاء العام وصادر الحريات الاساسية، الفردية والجماعية وقنن القمع والاعتقالات السياسية، لقد أجهض ميلاد المجتمع المدني المستقل وكل اشكال السلط المضادة أحزابا ونقابات حقيقية وإعلاما مفتوحا وعطل آليات الرقابة والمساءلة ناهيك عن تحطيمه كل أطر الحوار والوساطة والتفاوض وحل النزاعات واختلاقه أعداء وهميين بسبب رأي مخالف أو موقف معارض… لقد عادى ثورة الشعب السلمية بكل ما صنعته من وحدة وطنية وأمل وثقافة المواطنة في ظل الاختلاف والتعايش والتسامح والبناء الجماعي وجعل قيمها وفواعلها هدفا لانتقامه… . وبالتخويف والتيئيس والفساد الرمزي والمادي، يحاول تفكيك ما تبقى من معالم البناء الوطني الهادفة الى تجسيد حلم الدولة الديمقراطية الاجتماعية والتي تتعارض ومصالح الطغم التى وضعت يدها على ثروات البلاد وحولتها الى ملكية خاصة، وهذا ما جعل الاعطاب البنيوية المدمرة هي التي منعت إقلاع بلد قارة كالجزائر وجعلته في ذيل الترتيب عالميا في معظم المجالات ”
وأضاف البيان الذي كان بمثابة دعوة مفتوحة للأحرار الجزائريين ” إن صرختنا المشتركة هذه تستمد روحها ومرجعيتها من ثورة الشعب السلمية وتتمسك بأهدافها المشروعة، أما مقاومتنا الديمقراطية فتعددية جامعة عابرة للايديولوجيات ولاغية للنعرات الهدامة والحزبيات الضيقة، وهو ما نعتبره مكسبا وطنيا نعمل معا على ترجمته في مشروع انتقال ديمقراطي تأسيسي يحميه الشعب مصدر شرعيته الوحيد وتحمله كل قوى المجتمع الحية بمختلف أطيافها السياسية المؤمنة بدولة المؤسسات والشرعية الديمقراطية بمضامينها الوطنية والمنفتحة على العالم”
واختتم البيان الذي وقعه معارضين معروفين كانوا قد تعرضوا للاعتقالات منهم على سبيل الدكر، وسيلة بن لطرش وكريم طابو، وفضيل بوماله، والسعيد بودور، وعلى لعسكري وغيرهم، ” إن مسؤوليتنا التاريخية اليوم لا تنحصر في رفض مهزلة “انتخابات” النظام الرئاسية القادمة شكلا ومضمونا بل تتعداه الى بناء ميزان قوة شعبي سلمي بديل لحماية كياننا الجمعي شعبا ووطنا وفق الحقوق والحريات المكفولة دستوريا وفي المواثيق والعهود الدولية ”
• مهتم بالشؤون المغاربية