محمد الشرقاوي
يخلد الشعب المغربي ذكرى ثورة الملك والشعب، التي تخلد ذكرى أليمة، حيث امتدت الأيادي الآثمة للاستعمار الفرنسي إلى رمز وحدة المغرب جلالة الملك محمد الخامس، الذي أبى أن يخضع لرغبات المقيم العام، وقرر وضع يده في يد الحركة الوطنية ومناصرة أبطال الحرية والاستقلال، وتم نفي السلطان سيدي محمد بن يوسف إلى جزيرة مدغشقر بعيدا عن تراب بلاده، وضرب حصار عليه حتى لا يكون بينه وبين الحركة الوطنية أي اتصال.
لكن شاءت أقدار الله أن يبقى السلطان المنفي والمقاوم على اتصال دائم ببلاده عن طريق قنوات ضيقة من سكان البلاد، التي كان يقضي فيها سنوات منفاه القسري، وبعد ذلك سيعود منتصرا ليقول كلمته الشهيرة، التي ما زال رنينها في آذان المغاربة، الذين عايشوا تلك الفترة، “عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، وهي رسالة حتى لا يغتر أحد بالتحرير والاستقلال ويركن إلى ذلك، بينما العمل كله في المستقبل أي بناء أسس الدولة الحديثة.
وشرع طيب الله تراه في بناء الدولة الحديثة، وبعد أن اختاره الله إلى جواره استكمل جلالة المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني هذا البناء، وأسس لدولة عصرية، سواء من حيث البنيات التحتية وسواء من حيث تمتيعها بدستور عصري وحزمة قوانين ضابطة، وهو البناء الذي تطلب طويلا، حيث اختار المغرب الديمقراطية كأساس للحكم واختيار المسؤولين لتدبير الشؤون اليومية من خلال الجماعات الترابية والأقاليم والجهات، وعبر الرقابة على عمل الحكومة من خلال البرلمان.
وجاء عهد جلالة الملك محمد السادس لينتقل بالبلاد من دولة عصرية ذات مؤسسات إلى دولة منافسة على الصعيد الإقليمي والقاري، وتحول المغرب من دولة الاكتفاء إلى دولة التصدير إلى كل جهات الدنيا، وتحول المغرب إلى بلد جالب للاستثمارات الأجنبية، بشكل كبير جدا، حيث أصبح المغرب مركز توطين صناعة السيارات والصناعات المرتبطة بالطائرات، ناهيك عن ريادته في إنتاج الطاقة الهيدروجينية.
ولا تخطيء العين أن روح ثورة الملك والشعب الخالدة، هي التي ترسم معالم المغرب الجديد، حيث الجهاد الأكبر هو العنوان، أي جهاد البناء، المتمثل في المشاريع الكبرى، التي يسهر عليها جلالة الملك شخصيا، وحيث الجسور والقناطر والسكك والقطار الفائق للسرعة، وكلها رموز لمغرب جديد متقدم، نموذج في إفريقيا التي يعتبر بوابتها إلى العالم.