لم يمر الخطاب التاريخي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في البرلمان المغربي دون أن يكشف بجلاء عمق المأزق الذي باتت جبهة البوليساريو تواجهه.
فبعد إعلان فرنسا دعمها الصريح لسيادة المغرب على صحرائه، أصدرت الجبهة بياناً متشنجاً يهاجم فيه موقف باريس، في خطوة تعكس حالة التخبط وفقدان التأثير التي باتت تعاني منها هذه الحركة الانفصالية.
إن موقف جبهة البوليساريو المندد بفرنسا وادعاءاتها بأن هذا الموقف “مخزٍ ومنافٍ لميثاق الأمم المتحدة”، يكشف ازدواجية واضحة؛ فالجبهة التي تتحدث عن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، تتجاهل بشكل مفضوح الاعترافات الدولية المتزايدة بمغربية الصحراء وتزايد الدعم الدولي لسيادة المغرب على أراضيه، في مؤشر على انكشاف مشروعها الانفصالي أمام المجتمع الدولي.
وبدل أن تسعى جبهة البوليساريو إلى تقديم خيارات بناءة تنهي معاناة سكان المخيمات وتدفع نحو حل واقعي، اختارت اللجوء إلى لغة التهديد والتخويف من عدم الاستقرار، مدعية أن موقف ماكرون سيدفع إلى “مزيد من التوتر واللا استقرار” في المنطقة. وهذا الموقف يفضح عجز الجبهة عن قبول الواقع الجديد وتنامي مواقف دولية داعمة للمغرب، مما أفقدها مسوغات وجودها أمام ساكنة المخيمات التي تعيش أوضاعاً متردية.
ومن اللافت أيضاً أن جبهة البوليساريو تحاول منذ عقود تحميل فرنسا مسؤولية تأخر حل النزاع، وكأن فرنسا أو أي دولة أخرى هي التي تمنعها من التخلي عن مشروعها الانفصالي الذي تجاوزه الزمن.
إن هذا الخطاب المكرور لا يغير من حقيقة أن المغاربة في الصحراء يعيشون في وطنهم ويحققون التنمية والأمن، في وقت تستمر فيه الجبهة باستغلال الوضع في مخيمات تندوف دون طرح أي بدائل واقعية.
هذا وتبقى مواقف جبهة البوليساريو الرافضة والمتشنجة تجاه الدول الداعمة لمغربية الصحراء دليلاً على إفلاسها السياسي، وحالة من اليأس بعد إدراكها أن المجتمع الدولي لم يعد يتساهل مع الأطروحات الانفصالية البالية.