لم يكن اختيار المغرب نائبا لرئيس منظمة الشرطة الدولية الأنتربول، ولا قرار استضافة الجمعية العامة لهذه المنظمة في مراكش، مجرد أحداث عابرة في ساحة العلاقات الدولية، بل هما شهادة رفيعة، تشهد بأن المملكة المغربية صارت رقما صعبا في معادلة الأمن الدولي.
وما هذا الإنجاز إلا تكريس للدور الريادي الذي باتت تضطلع به أجهزتنا الأمنية والاستخباراتية تحت قيادة الرجل الهادئ، عبد اللطيف حموشي، الذي يعمل بصمت، يخطط بعمق، ويحقق الإنجازات بلا ضجيج.
السيد عبد اللطيف حموشي، الذي نادرا ما يظهر للعلن، وإذا ظهر تسبقه إنجازاته، هو تجسيد للقيادة الهادئة والحازمة في آن واحد، يرسم بخطوات ثابتة معالم استراتيجية أمنية شاملة، منحت المغرب مكانة متميزة، ليس فقط كدولة آمنة لمواطنيها، بل كركيزة استقرار أساسية للمنطقة بأسرها.
هذا الرجل يعمل بعيدا عن الأضواء، ويكتفي بترجمة الرؤية الملكية إلى نتائج حقيقية، ليرتقي بالأجهزة الأمنية المغربية إلى مصاف الشريك الموثوق في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وتكمن عظمة هذا الإنجاز في زمن يعصف فيه الإرهاب والجريمة المنظمة بالمجتمعات والدول، إذ صار هذا التهديد عابرا للحدود، يستهدف الدول القوية والضعيفة على حد سواء.
ورغم هذه التحديات العسيرة، استطاع المغرب أن يبني نموذجا أمنيا استثنائيا يعتمد على اليقظة، الفعالية، والتنسيق المحكم. وليس أدل على ذلك من عشرات العمليات والتدخلات الناجعة التي فكك من خلالها الأمن المغربي العديد من الشبكات الإرهابية، حتى تلك التي استهدفت دولا أخرى، ما جعل شراكة المغرب الأمنية مطلوبة من طرف العديد من الدول الكبرى.
قد يتساءل البعض عن سر هذا النجاح المغربي اللافت، وقد يرجعه البعض إلى القدرات البشرية والكفاءات العالية التي تجندها أجهزتنا الأمنية. نعم، في هذا جزء من الحقيقة، لكن المسألة أعمق. إنها ثمرة رؤية متكاملة تزاوج بين الإعداد والتكوين، وتقوم على روح وطنية عالية، وتفان في خدمة الصالح العام، إنها تجربة أمنية ترى في حماية المواطن وحماية الوطن مهمة مقدسة تتعدى الحدود الجغرافية للوطن.
وحين يختار الأنتربول المغرب نائبا لرئاسته، فإنه بذلك يقدم شهادة واضحة على أن المملكة المغربية أصبحت صرحا عالميا في مجال الأمن، شريكا يعتمد عليه ليس لحفظ الأمن الوطني فقط، بل لحماية الأمن العالمي. وهذا الانتخاب لا يعبر عن اعتراف فقط، بل عن حاجة دولية ملحة لمساهمة المغرب في تأمين عالمنا المضطرب.
واليوم، حين يتحدث المواطن المغربي عن هذا الإنجاز، فهو يتحدث عن إرث أمني بات جزءا من هويته الوطنية، وعن أجهزة تعمل من أجله، حاضرة في حياته اليومية وفاعلة على المستوى الدولي.