بقاء النظام الايراني ليس في مصلحة أحد

محمود حكميان*
ليس هناك مايلفت النظر في الاوضاع السائدة في إيران ويجعلها مختلفة عن غيرها من الاوضاع في بلدان العالم، إن النظام الايراني يعتبر نفسه دائما على حق ويعتبر أي تحرك ضده أو رفض لسياساته وحتى أخطائه والازمات الناجمة عن نهجه المشبوه، فإن ذلك يعتبر بمثابـة معاداة للسماء والوقوف ضدها، وحتى إن قانون المحاربة (أي محاربة الله)، فقد تم سنه بإعتبار أن أي معارض للنظام يتم القبض عليه فإن دمه مباح ويجب إعدامه، ولهذا السبب فقد کان هناك ولايزال حاجزا کبيرا بين النظام وبين الشعب الذي صار العالم کله يعرف الى أي حد يرفض ويکره النظام بل وحتى إن قيامه بثلاثة إنتفاضات ذات طابع سياسي ضد هذا النظام وفي أوقات متقاربة نسبيا، أکبر دليل على هذا الامر.
إستمرار الاوضاع السلبية المتفاقمة في إيران وتداعياتها ضاعفت وتضاعف من معاناة الشعب وحتى إنه قد ضاق ذرعا بذلك ولم يعد يلتزم الصمت والاهم من ذلك إن النظام يعلم جيدا إن قمعه للإنتفاضات الثلاثة ولاسيما الاخيرة منها، لم تتمکن من أن تضع حدا لنضال هذا الشعب من أجل الحرية تطفئ جذوة النضال من أجل الحرية والإصرار على إسقاطه، بل وحتى إن ذلك قد جعل الشعب يصمم على رفضه وکراهيته للنظام أکثر من أي وقت آخر وأن يزيد من نشاطاته وتحرکاته الاحتجاجية وإن سعي النظام الايراني في التودد الى الغرب والولايات المتحدة من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات مع ترکيزه على مسألة رفع العقوبات الدولية عنه إنما هو من أجل التأثير على الموقف الشعبي الرافض للنظام وتغييره لصالحه ولکن حتى في هذا الامر فليس هناك مايمکن أن يبعث على الامل لأن الشعب سبق وإن جرب ذلك بعد إبرام الاتفاقية النووية في عام 2015، حيث إن أي شئ لم يتغير بل ساءت الاوضاع أکثر لأن النظام إستغل کل الاموال المجمدة التي تم رفع الحجز عنها لصالح مخططاته وتدخلاته في المنطقة وکذلك على برامج صواريخه الباليستية.
الاهداف الاساسية للنظام الايراني من وراء إظهار إستعداده للجلوس الى طاولة المفاوضات، إنما يأت لعدة أسباب أهمها شعوره بالضعف وتيقنه من الظروف والاوضاع الحالية ليست في صالحه، وإن عملية الصراع والمواجهة للشعب والمقاومة الايرانية تصاعدت أکثر من أي وقت مضى، وقبل کل ذلك يريد النظام أن يلتقط أنفاسه بعد الضربات الموجعة التي تلقاها على مختلف الاصعدة، ولکن من الخطأ الثقة بهذا النظام وبنواياه فهو کالعقرب الذي لايمکن الائئتمان والثقة به.
الاوضاع الحالية للنظام الايرانية ووصولها الى نقطة حساسة وبالغة الخطورة بعد أن صار النظام في وضع وموقف لايحسد عليه أبدا ولاسيما وإن سياسة الانکماش التي شرع فيها النظام من أجل تحسين أوضاعه والسيطرة على الاوضاع أکثر، لم تغير شيئا بل وحتى إزدادت سوءا، فإن الشعب الايراني صار يعلم جيدا بأن بقاء وإستمرار هذا النظام يعني بقاء وإستمرار معاناته لکونه لوحده يدفع ضريبة أخطاء النظام ونهجه المشبوه ولذلك فإن إزدياد شعبية المقاومة الايرانية وتوسع دورها في سائر أرجاء إيران إنما هو لأن المقاومة الايرانية لوحدها کانت قد رفعت شعار إسقاط النظام ورفضت کل أنواع التواصل والتفاوض معه وإستمرت في النضال ضده ومواجته بمختلف الطرق والاساليب ولاسيما من حيث فضح وکشف جرائمه وإنتهاکاته بحق الشعب الايراني والتأکيد على إن بقاء وإستمرار هذا النظام ليس من مصلحة أحد وإن التغيير الجذري في إيران بإسقاط هذا النظام هو أمر سيساهم في تعزيز وإستتباب السلام والامن والاستقرار في المنطقة والعالم.
*عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني