تشهد سوريا تصعيداً ميدانياً خطيراً مع إعلان هيئة تحرير الشام سيطرتها على مدينة حلب، في تطور مفاجئ قلب الموازين العسكرية في المنطقة.
وأفادت تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الهيئة تمكنت من السيطرة على المدينة في ساعات قليلة دون مقاومة تُذكر من الجيش السوري، الذي بدا عاجزاً عن التصدي للتقدم السريع للفصائل المعارضة.
الحكومة السورية أعلنت على الفور إغلاق مطار حلب الدولي وإلغاء جميع الرحلات الجوية حتى إشعار آخر، في إجراء يعكس حجم التحدي الأمني الذي يواجهه النظام في المدينة.
الهجوم، الذي قادته هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة أخرى، يأتي في إطار عملية عسكرية واسعة بدأت باجتياح قرى وبلدات في محافظة حلب.
وأشارت مصادر المعارضة إلى أن التقدم السريع تحقق بسبب ضعف التواجد العسكري للميليشيات المدعومة من إيران في المنطقة، ما سمح للمهاجمين بالتوغل في عمق المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة النظام.
التصعيد العسكري لم يخلُ من تداعيات إنسانية خطيرة، حيث أكدت الأمم المتحدة مقتل ما لا يقل عن 27 مدنياً خلال الأيام الثلاثة الماضية، بينهم أطفال.
وأفادت التقارير باستهداف مناطق مدنية، بما فيها المدينة الجامعية في حلب، ما أسفر عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة آخرين.
وعبرت المنظمات الإنسانية عن قلقها الشديد إزاء تزايد أعداد الضحايا المدنيين واستهداف البنية التحتية، مؤكدة أن هذه الأعمال تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
المقاتلات الروسية والسورية شنت غارات مكثفة على مواقع المعارضة في محاولة لوقف تقدمها، إلا أن التحركات الميدانية تشير إلى أن المعارضة ما زالت تسيطر على أجزاء استراتيجية من المدينة.
يأتي هذا التصعيد في وقت حساس تمر فيه سوريا بأزمات سياسية وإنسانية متشابكة، ما يثير مخاوف من أن يؤدي هذا الهجوم إلى توسيع رقعة الصراع وإفشال الجهود الدولية الرامية إلى خفض التصعيد.
ومع انخراط قوى إقليمية ودولية متعددة في الملف السوري، تبدو الأوضاع مرشحة لمزيد من التعقيد والتصعيد، في ظل غياب أي بوادر لحلول سياسية في الأفق القريب.
تتزامن هذه التطورات مع تقارير تتحدث عن دور تركي محتمل في تسهيل هذا الهجوم، حيث أُشير إلى أن تركيا ربما أعطت ضوءاً أخضر للفصائل المهاجمة.
إلا أن الخارجية التركية نفت أي تورط مباشر، مؤكدة أن بلادها تعمل على تجنب تصعيد الأوضاع في شمال سوريا. في المقابل، وصفت روسيا الهجوم بأنه انتهاك للسيادة السورية، ودعت السلطات السورية إلى التحرك سريعاً لاستعادة السيطرة.
وأكد الكرملين أن روسيا ستواصل دعم الحكومة السورية عسكرياً لضمان استقرار الوضع الميداني.