مشروع قانون المسطرة الجنائية: خطوة حاسمة في إصلاح العدالة الجنائية وسط جدل حول الحريات والمسؤولية

 

أحالت الحكومة المغربية يوم الخميس 9 يناير 2025 مشروع قانون المسطرة الجنائية إلى مكتب مجلس النواب، ليبدأ مرحلة النقاش داخل المؤسسة التشريعية.

هذه الخطوة التي جاءت بعد أشهر من مصادقة مجلس الحكومة على المشروع تمثل منعطفًا هامًا في مسار إصلاح العدالة الجنائية بالمغرب، لكنها أثارت جدلاً واسعًا بشأن التوازن بين تعزيز الحريات الفردية وضمان الأمن القانوني.

يتضمن مشروع القانون عدة مستجدات، منها تسجيل الاستجوابات السمعية البصرية لضمان الشفافية، وحضور المحامي منذ لحظة الإيقاف، وهو إجراء طالبت به منظمات حقوقية لدعم المحاكمة العادلة. كما يتضمن اعتماد تقنيات التحقيق المالي الموازي، التي تهدف إلى تعزيز مكافحة الجرائم الاقتصادية.

رغم الطموح الظاهر في هذه الإجراءات، يرى منتقدون أنها قد تواجه عقبات عملية. على سبيل المثال، يتطلب التسجيل السمعي البصري تجهيزات متطورة وتدريبًا لضباط الشرطة، بينما يعاني النظام القضائي بالفعل من نقص الموارد البشرية واللوجستية.

أثار نص في المشروع يمنع الجمعيات من تقديم شكاوى مباشرة ضد موظفي الدولة ورؤساء الجماعات الترابية جدلاً كبيرًا. منظمات حقوقية اعتبرت هذا التقييد تقويضًا لدور المجتمع المدني في مكافحة الفساد ومراقبة الشأن العام. في المقابل، دافع وزير العدل عن الإجراء، مؤكدًا أنه يهدف إلى منع استغلال القضاء لأغراض سياسية أو انتقامية، وضمان خضوع المحاسبة لإجراءات قانونية صارمة.

لكن المعارضين يرون أن هذا المقتضى يضعف آليات المساءلة الشعبية في ظل غياب بدائل فعالة لمراقبة أداء المسؤولين، مما قد يؤدي إلى تراجع الثقة في المؤسسات.

إلى جانب القضايا المثيرة للجدل، تواجه النصوص الجديدة اختبارًا صعبًا على مستوى التنفيذ. فالتحديات المتعلقة بالبنية التحتية للمحاكم، وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ الإصلاحات التقنية، تبقى عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق أهداف المشروع.

مع إحالة المشروع إلى البرلمان، ينتظر الرأي العام نقاشًا عميقًا ومستفيضًا بين النواب، يأخذ بعين الاعتبار آراء المجتمع المدني والفاعلين الحقوقيين. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان أن تكون التعديلات المقترحة على القانون فعالة، تساهم في تعزيز العدالة، وتحترم الحريات، وتحقق التوازن المطلوب بين الأمن القانوني وحقوق المواطنين.

مشروع قانون المسطرة الجنائية ليس مجرد وثيقة قانونية، بل هو اختبار لإرادة الإصلاح وقدرة المؤسسات على التفاعل مع التحولات الاجتماعية والسياسية لضمان عدالة أكثر شمولًا وفعالية.

 

 

 

 


تعليقات الزوار
  1. @مواطن متضرر من غلا معيشه

    الملاحظ في كل قوانين التي تطبق من طرف الاحزاب التي كانت بالامس تدافع عن مواطن عند وصولهم لمنابغ قرار تغيرت تقولهم افعالهم راكمو ثروات اكتر من سابقيهم وجتهدو كل اجتهاد لافراغ حسب مواطن وضغط على حياته ومستقبلها بقرارات ومدونات واملاىات دون دراسة عواقبها على طبقه متوسطه التي أصبحت تعاني وتعاني وتعاني من غلاء والجام الأفواه وتهديد بالسجن كل من خالف رأى او شتكى من ظلم او قهر او لاحظ تلاعب او سرقه مال العام من طرف احزاب نفسهم الدين يحكمون بلاد والعباد ادا لافاىده من كترت الاحزاب وحماية مستهلك ومن حقوق الانسان ومن تصويط في انتخابات مدام اصحاب شعارات ولوعود ينقلبون على مواطن مغربي في عقر بلاده كأنه اتي من كوكب اخر صاحب مقولة غرغري ولاتغرغري فتح طريق لسماسره وشناق لوبيات تجاره محروقات خوصصة ان يفرغو جيوب مغاربه بسطا ومستصعفين بعد تحرير محروقات وتجاره وخوصصة صحه تعليم

شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني