المجمع الشريف للفوسفاط.. أرباح خيالية واستثمارات ضخمة، لكن أين حق الساكنة المتضررة من التلوث؟

يواصل المجمع الشريف للفوسفاط (OCP) تحقيق أرباح ضخمة وتوسيع استثماراته، حيث كشف عن قفزة نوعية في حجم استثماراته السنوية، التي انتقلت من 26.8 مليار درهم إلى 43.6 مليار درهم، مما يعكس تسريع وتيرة برامجه التوسعية واستغلاله للفرص السوقية المواتية. وفي ظل هذه الإنجازات المالية التي تبدو مشرقة على الورق، يظل السؤال الجوهري معلقًا: أين نصيب الساكنة المتضررة من أنشطة المجمع، التي تعاني يوميًا من تداعيات التلوث البيئي الناتج عن استخراج ومعالجة الفوسفاط؟

لا شك أن OCP يمثل قاطرة اقتصادية للمغرب، ويعد لاعبًا عالميًا رئيسيًا في سوق الفوسفاط، حيث بلغ رقم معاملاته السنوي 97 مليار درهم في 2024، مسجلاً ارتفاعًا مقارنة بـ 91.2 مليار درهم في 2023. كما قفز هامش الربح الإجمالي إلى 62.6 مليار درهم، مع تحقيق ربح خام قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك (EBITDA) يصل إلى 39 مليار درهم، أي بزيادة لافتة عن السنوات الماضية.

لكن، إذا كانت هذه الأرقام تعكس نمو المجمع وتوسعه دوليًا، فإنها في المقابل لا تعني شيئًا للآلاف من المواطنين القاطنين في المدن والمناطق المتأثرة بأنشطته، مثل خريبكة واليوسفية والجرف الأصفر وآسفي، الذين يعانون من تلوث الهواء والمياه الجوفية، وتدهور جودة الحياة البيئية والصحية بسبب الأنشطة الصناعية المكثفة للمجمع.

يتحدث مصطفى التراب، الرئيس المدير العام للمجمع الشريف للفوسفاط، عن إنجازات المجمع في تحلية المياه وإنتاج الطاقة الشمسية، مؤكدًا أنه تم تحلية 63 مليون متر مكعب من المياه لتغطية احتياجات منشآته الإنتاجية، مع تقدم ملحوظ في برنامج الطاقة الشمسية لخفض الانبعاثات الكربونية. لكن ماذا عن المياه الجوفية الملوثة في المناطق القريبة من وحدات الإنتاج؟ ماذا عن الأضرار الصحية التي يعاني منها المواطنون بسبب التلوث الصناعي المستمر؟

إن الحديث عن التنمية المستدامة لا يقتصر فقط على خفض الانبعاثات الكربونية داخل وحدات الإنتاج، بل يشمل أيضًا تحسين جودة الحياة في المناطق المتأثرة بأنشطة المجمع، والتقليل من الأضرار البيئية التي تسببها عمليات استخراج ومعالجة الفوسفاط.

رغم كل الاستثمارات الضخمة والأرباح الهائلة، لا يزال الدور الاجتماعي للمجمع ضعيفًا وغير كافٍ. ففي مدن مثل خريبكة واليوسفية والجرف الأصفر، حيث تتركز الأنشطة الرئيسية لـ OCP، تعاني الساكنة من غياب مشاريع تنموية حقيقية تعوض الضرر البيئي الذي تتعرض له.

الاستثمار في البنية التحتية المحلية، وتحسين الخدمات الصحية، ودعم التعليم والتشغيل، كلها التزامات واجبة على OCP، وليست مجرد مبادرات رمزية أو برامج علاقات عامة تهدف إلى تلميع الصورة. فالمجمع لا يمكنه أن يستمر في تحقيق الأرباح الفلكية دون أن يكون له التزام حقيقي تجاه الساكنة المتضررة، وإلا فإنه يعزز منطق “الأرباح للمجمع، والتلوث للمواطن”.

رسالة إلى مصطفى التراب: لا تنسوا المجتمعات المتضررة!
إذا كان المجمع الشريف للفوسفاط قد نجح في التموقع عالميًا كقوة اقتصادية واستثمارية، فإن عليه اليوم أن ينجح في كسب ثقة المواطنين المتضررين من أنشطته الصناعية. لا يكفي الحديث عن تحقيق الاستدامة البيئية داخل وحدات الإنتاج، بينما تظل الساكنة المجاورة تعاني من التلوث البيئي والحرمان من التنمية الاجتماعية الحقيقية.

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني