في خطوة سياسية لافتة، أعلن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب عن توقيفه لأي تنسيق بخصوص ملتمس الرقابة ضد الحكومة، بعد أن باءت كل محاولاته لجمع المعارضة حول هذه المبادرة بالفشل. القرار جاء على خلفية ما وصفه الفريق بـ”انعدام الجدية والتنسيق المسؤول” من بعض مكونات المعارضة، التي فضلت الدخول في تفاصيل تقنية ضيقة بعيدة عن الأعراف السياسية والبرلمانية المتوافق عليها.
ملتمس الرقابة.. آلية سياسية توقفت قبل أن تبدأ
كان الفريق الاشتراكي قد بادر منذ نهاية سنة 2023 إلى طرح فكرة ملتمس الرقابة استنادًا إلى الفصل 105 من الدستور، في ظل ما وصفه بالفشل الحكومي في تدبير الشأن العام، وتعثر الإصلاحات الكبرى على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. ومع بداية أبريل 2024، تم عقد اجتماعات تنسيقية بين رؤساء الفرق والمجموعة النيابية في المعارضة، حيث تم الاتفاق على تفعيل ملتمس الرقابة.
غير أن المبادرة سرعان ما أُجهضت بخروج أحد أطراف المعارضة ليعلن رفضه التنسيق حولها. وفي مواجهة هذا التعثر، بادر الفريق الاشتراكي إلى دعم مبادرة أخرى تتعلق بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول دعم المواشي، إلا أن هذه الخطوة بدورها لم تكتمل بسبب غياب التوافق.
التنسيق الضائع بين المعارضة.. وصراع الحسابات الضيقة
في بداية أبريل 2025، أعاد الفريق الاشتراكي طرح ملتمس الرقابة، حيث جرت سلسلة من الاجتماعات مع الفرق المعارضة، بهدف إعداد مذكرة تقديم الملتمس وجمع التوقيعات اللازمة. لكن، رغم الجهود المبذولة، لم تثمر اللقاءات عن أي تقدم حقيقي.
وفقًا لبلاغ الفريق الاشتراكي، لم تكن هناك إرادة صادقة من بعض مكونات المعارضة لإنجاح المبادرة، بل لجأت بعض الأطراف إلى تسريبات إعلامية هدفت إلى التشويش على الجهود، وإغراق المبادرة في تفاصيل شكلية تبعدها عن روح الرقابة الديمقراطية.
ملتمس الرقابة.. بين الواقع والرهانات السياسية
إن طرح ملتمس الرقابة حرك المياه الراكدة في المشهد السياسي المغربي، حيث لقي اهتمامًا واسعًا من مختلف مكونات الرأي العام ووسائل الإعلام. لكنه في النهاية، واجه عقبات سياسية متعلقة بحسابات ضيقة تعكس تباين الرؤى بين الفرق المعارضة، مما دفع الفريق الاشتراكي إلى اتخاذ قرار وقف التنسيق حول الملتمس.
وفي هذا السياق، اعتبر الفريق الاشتراكي أن المعارضة البرلمانية تتطلب مسؤولية وجدية لمواجهة الاختلالات الحكومية، بعيدًا عن الاستغلال السياسوي للآليات الرقابية الدستورية.
موقف صارم من المعارضة الاتحادية
أوضح الفريق الاشتراكي أن القرار بوقف التنسيق حول ملتمس الرقابة جاء نتيجة لعدة اعتبارات، منها غياب التفاعل الجدي من باقي مكونات المعارضة، واستبدال النقاش السياسي بحسابات انتخابية ضيقة.
كما أكد الفريق أنه يرفض التعامل باستخفاف مع الآليات الدستورية، ويعتبر أن المعركة السياسية تتطلب وضوحًا في المواقف بعيدًا عن المزايدات.
مواصلة الرقابة على الأداء الحكومي
رغم الإعلان عن وقف التنسيق حول ملتمس الرقابة، أكد الفريق الاشتراكي التزامه بمواصلة دوره الرقابي على الأداء الحكومي، بهدف خدمة مصالح المواطنات والمواطنين، والدفاع عن المصلحة العليا للوطن.
وبهذا القرار، يسعى الفريق الاشتراكي إلى تكريس وضوح في المواقف السياسية يعكس التزامه بالمسؤولية الحزبية في مواجهة الاختلالات الحكومية، مع الحفاظ على دوره كمعارضة يقظة تعبر عن نبض الشارع وتدافع عن قيم الديمقراطية.
رسالة سياسية واضحة
في الختام، يظهر جليًا أن الفريق الاشتراكي لا يسعى فقط إلى تقديم ملتمس رقابة لتحقيق مكاسب سياسية، بل يطمح إلى فتح نقاش مسؤول حول التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد. فالمعارضة البرلمانية، وفق رؤيته، لا يمكن أن تكون مجرد تحالفات ظرفية، بل هي ممارسة سياسية تعكس رغبة حقيقية في الإصلاح والنهوض بالديمقراطية.