جيراندو يقدم درسا ركيكا في الإملاء الفرنسي!

العداء المجاني تجاه مؤسسات الوطن لم يعد يكتفي بالنقد السياسي، بل امتد إلى محاولة بائسة لتصحيح ما ليس بخطأ، وتحويل تفاصيل شكلية إلى “قضايا كبرى” يراد بها النيل من صورة الأمن الوطني المغربي.

آخر فصول هذا العبث اللغوي بطلها أحد النشطاء المعروفين بعدائهم المزمن للمؤسسات، والذي أراد أن يقدم للمغاربة درسا في اللغة الفرنسية، تحت ذريعة أن عبارة Force Spéciale كُتبت “دون S”، وكأن الأمر يتعلق بكارثة وطنية.

في عرف هذا الشخص، كل شيء قابل للتشكيك والتسخيف، من الإملاء إلى السيادة، ومن التعابير الاصطلاحية إلى العقيدة الأمنية للدولة. لكن ما لا يعلمه أو ربما يتجاهله عمدا، هو أن عبارة Force Spéciale، بدون “S”، صحيحة لغويا ودلاليا، وتستعمل دوليا للإشارة إلى وحدة محددة وخاصة، وليس إلى وحدات متعددة.

العديد من أجهزة الأمن والاستخبارات في العالم تعتمد هذه الصيغة في أدبياتها الرسمية، منها القوات الخاصة الفرنسية نفسها التي تستخدم فيها العبارة في صيغة المفرد حسب السياق، دون أن يعتبر ذلك “فضيحة لغوية”، إلا عند من يعاني من عقدة مزمنة تجاه كل ما هو وطني.

الخطير في الأمر ليس الجهل بالمعلومة، بل الإصرار على توظيف هذا الجهل لمحاولة زرع الشك في عقول المواطنين، وتشويه كل ما يصدر عن الدولة. فكل ما يأتي من الوطن في نظر هذا “المصلح اللغوي” المشبوه خطأ، وكل ما ينتمي للمؤسسات الأمنية مدان سلفا.

لكن ما لم يستوعبه هذا الشخص هو أن محاولاته أصبحت تُثير الشفقة أكثر من الغضب، لأنها تكشف مرة أخرى إلى أي حد يمكن أن ينحط الخطاب حين يستبد الحقد بالعقل، ويحل الجهل محل المعرفة. لقد انقلب السحر على الساحر، وأصبحت خرجاته أقرب إلى دروس في الغباء السياسي واللغوي، لا دروس في النقد البناء.

ويبقى السؤال: متى يدرك هؤلاء أن مؤسسات المغرب أقوى من هجماتهم، وأن المغاربة أذكى من أن يخدعوا بتفاهات تباع في قالب معارضات وهمية؟ متى يفهمون أن صلابة الأمن الوطني لا تقاس بحرف ناقص أو زائد، بل بالثقة التي يجسدها المواطن حين يشعر بالأمان تحت علم بلده؟

كواليس: الرباط

 

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني