تصاعد التوتر في أمستردام بين مشجعي آياكس ومكابي تل أبيب وسط انتقادات سياسية واسعة لعمدة المدينة
تشهد العاصمة الهولندية أمستردام أحداثاً متسارعة ومثيرة للقلق على خلفية التوترات الحادة بين مشجعي فريق آياكس أمستردام الهولندي ومشجعي فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي.
وقد وصفت هذه المواجهات بأنها غير مسبوقة في ضراوتها، إذ زادت حدة الاحتقان إلى درجة استدعت تدخل شخصيات سياسية هولندية بارزة، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن إدارة الأزمات في المدينة، وفي مقدمتهم العمدة فيمكه هالسما، المتهمة بعدم القدرة على ضبط الوضع وحماية الأمن العام.
في ظل تصاعد الأحداث، طالب زعماء المعارضة في البرلمان الهولندي بإقالة العمدة هالسما، مشيرين إلى فشلها في احتواء الأزمة وتقصيرها في اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة المواطنين والمشجعين.
ورغم أن الشرطة الهولندية أكدت تعاملها السريع مع الحوادث دون تسجيل إصابات جسيمة، فقد اعتبر بعض السياسيين أن الاستجابة الأمنية لم تكن كافية للسيطرة على الاحتجاجات ومنع العنف.
بدوره، صبّ السياسي اليميني المتطرف جيرت فيلدرز الزيت على النار بتصريحاته المثيرة للجدل، معرباً عن دعمه الكامل لمشجعي مكابي تل أبيب، ومستنكراً ما وصفه بـ”مطاردة اليهود” في شوارع أمستردام.
واستغل فيلدرز، المعروف بمواقفه المناهضة للمسلمين، الفرصة ليشن هجوماً على مشجعي آياكس الذين رفعوا أعلام فلسطين في احتجاجهم، معتبراً أن ما يجري هو بمثابة “تحويل أمستردام إلى غزة أوروبا”، وفق تعبيره. كما دعا إلى اعتقال من وصفهم بـ”الحثالة” المتورطين في الاعتداءات، وإلى محاكمة المسؤولين عن التقصير في احتواء هذه الأزمة.
علاوة على ذلك، طالب فيلدرز بعقد جلسة عاجلة في البرلمان الهولندي لمناقشة الوضع الأمني في أمستردام وإقالة العمدة، محملاً إياها المسؤولية عن عدم حماية الإسرائيليين من المشجعين المحتجين.
وهذه التصريحات أشعلت الجدل داخل الأوساط السياسية، حيث رأى البعض أن مواقف فيلدرز تزيد من الاستقطاب وتؤجج التوتر بدلاً من التهدئة.
في الأثناء، لم يسلم الأمن الهولندي من الانتقادات، حيث شنت وسائل الإعلام الإسرائيلية هجوماً حاداً على الشرطة الهولندية، واصفة استجابتها للأحداث بالضعيفة.
وعلى الرغم من أن الشرطة أكدت أنه لم يتم تسجيل إصابات بين المشاركين، إلا أن بعض مشجعي مكابي تل أبيب أكدوا تعرضهم لاعتداءات عنيفة، متهمين الشرطة بالتقاعس عن حمايتهم.
وتداولت وسائل الإعلام الإسرائيلية شهادات صادمة من مشجعين إسرائيليين تحدثوا عن محاولاتهم اليائسة للهرب والاختباء من المهاجمين.
أحد المشجعين روى أنه اضطر للاختباء داخل مبنى خوفاً على حياته، فيما ذكر آخر أنه اختبأ في قارب على ضفاف النهر وسط طقس بارد، هرباً من المعتدين الذين كانوا يلاحقونه.
كما أفادت بعض العائلات بفقدان الاتصال بأبنائها لفترات طويلة، ما زاد من حالة الذعر وسط مشجعي مكابي تل أبيب.
يبقى التساؤل مطروحاً حول كيفية احتواء هذه الأزمة التي تتجاوز مجرد خلاف بين مشجعي فريقين رياضيين لتلامس قضايا سياسية وأيديولوجية حساسة.
ويرى مراقبون أن تداعيات هذا التوتر قد تؤثر سلباً على العلاقات بين مكونات المجتمع الهولندي المتعدد الثقافات، لا سيما في ظل تصاعد الخطاب التحريضي من بعض الأطراف السياسية.
ويتوقع أن تكون لهذه الأحداث تبعات سياسية هامة، لا سيما مع احتمال عقد جلسة برلمانية لمناقشة الوضع، حيث سيتقرر ما إذا كانت العمدة هالسما ستبقى في منصبها أم ستتم إقالتها بناءً على مطالب المعارضة.
كما قد تشهد هذه الأزمة اتخاذ تدابير أمنية إضافية لاحتواء أي تظاهرات أو احتجاجات مستقبلية، بهدف منع تكرار هذه الأحداث التي تثير مخاوف متزايدة في أمستردام.