طبق عاشوراء
بقلم : محمد حسيكي
يجري في المغرب الاحتفال بالعام الهجري، من عاشر محرم، الذي اختاره المغاربة يوما لمبايعة المولى إدريس الأزهر، وخطبته المأثورة من حدث التتويج التاريخي العام، التي قال فيها، الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، إن ربنا لغفور شكور .
ومنذ ذاك العهد، صار الاحتفال بالمغرب من مطلع العام الهجري، يجري بالعاشر محرم من طبق عاشوراء، وهو طبق احتفالي فاكه من الحياة الاجتماعية، التي تتحلى بها مسرة بيوت الاسرة المغربية، من طلعة السنة القمرية، التي تربط النظام الشمسي بمدار النظام الفضائي، الذي يخلد النظام الإسلامي من التاريخ الهجري، ومن مبايعة المولى إدريس الأزهر، وموافقة حفل البيعة الإسلامية بالعام الهجري، الذي حل فيه رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، بالمدينة المنورة، قادما من مكة المكرمة، إذ جعل من المدينة حاضرة علم الأمة، كما جعل من مكة حاضرة دين الاسلام .
والعام الهجري بالنظام الاسلامي، هو مدار استهلال المجرة الفضائية من دورتها السنوية، بالمدار الفضائي والمدار الشمسي، من اثني عشر شهرا، جارية، تجمع المدار القمري بالمدار الشمسي، من دورة شهرية سنوية تحت المدار الشمسي .
ويعتبر شهر المحرم، فاتحة العام الهجري ذي التقويم القمري، وهو عام السلام بالشهر المحرم من بيت الله الحرام، يحتفل به المسلمون من طلعته بالتاريخ الاسلامي، من مقام بالدين، ومقام بالعلم .
ومن دورة الأرض بالسنة القمرية، خارج النظام الشمسي، أنها تعرف بالاستهلال الشهري من المدار الفضائي، كما تعرف بالغياب من الأفق عن المدار الشمسي.
طبق عاشوراء :
في بلاد المغرب يجري الاستعداد للاحتفال بـ العاشر محرم، منذ استهلال الهلال، حيث تكتظ الأسواق الحضرية والقروية بالحركة التجارية، من معروضات الفواكه الجافة، وأنواع اللعب من المصنوعات المحلية والمسوقة، وآلات الإيقاع الموسيقية لإعلان الفرحة بحلول العام الهجري، فضلا عن معروضات الملابس للصغار والكبار .
إذ سوق عاشوراء سوق العشر الأوائل من العام الهجري، الذي يحيا بالأفراح من الصغير والكبير، والرجل والمرأة، كل بما لديه يحفل، بآلة الدبك أو الموسيقى، أو الملابس الفاخرة، التي تحلي الذات بالحلى الفاتنة .
وإحياء الحفل من ليلة عاشوراء، يبتدئ من بعد صلاة العشاء، إلى مطلع آذان الصبح، من سهر ليلي غناء من صوتيات الطفولة، والنسوة، والرجال، كل يصدح بصوته ودبكه، حتى المؤمنون يحيون الليلة بالطبوع الموسيقية والأذكار الإيقاعية .
ومن العودة إلى الطبق فهو على صنفين :
طبق كسكس :
طبق طعام ليلي فائر على البخار، تجتمع عليه الاسرة العائلية، من وجبة كسكس جماعية غنية بالأصناف السبع من الخضر، ولحم الخروف المتبل والمجفف، مدخرا من نحيرة عيد الأضحى، حقا من الحول لعامه، بالعام من أول أيامه . ثم بعد الوجبة الحضور بالمشاركة أو المتابعة من السهرة الليلية، المضججة بالأصوات من مختلف الأعمار، تحت الأضواء وشعلة الحفل من العام، وإن صار النهج من إضاءتها، بإطلاق الشهب الاصطناعية ابتهاجا بالليلة الغامرة بالأفراح العامة .
وحين يأتي الصباح، تستيقظ الساكنة على فطور العيد، وهو خاص بأشكال من الفطائر، ومحضرات منزلية من الحلويات العائلية .
وبعد الفطور الأولي، يستعد الأطفال لارتداء الملابس الجديدة الخاصة بيوم العيد، استعدادا للزيارات واللقاء من الفضاءات .
طبق الحفل الفاكه :
هو الطبق الذي يعمر كل البيوت المغربية من طلعة الاحتفال بالعام المبارك، كما يحمل من العبرة الطبق الادريسي لكل المغاربة على امتداد التاريخ .
وهو الطبق الذي يتهيأ أهل البيت تحضيره على أصناف من الفواكه الجافة، والرطبة وافراغها من مجمع الطبق الفاكه، من جوز ولوز وفستق وتمر وتين وزبيب عنب مصبر، وحمص محمص، وفند مصنع، وعلكة نسمة، إلى جانب طبق كعك ربة البيت، الذي لا يتعدى حجم رؤوس الأصابع .
ثم توزع بمكاييل الشربة، على عدد الأفراد من البيت حقا من العام الفاكه الجديد، كما يترك نصيبا من الطبق لاستقبال وفود الزائرين من العائلة والجوار القادمين للتهنئة وتبادل المباركة بالزيارة .
وخلال العام الهجري الجديد، يتبادل العموم من لقاءات عابرة أو خاصة، التهنئة والمباركة، ولسان حالهم يقول : عام مبارك سعيد وكل عام وأنتم بخير .
وإذ يعتبر إحياء العام الهجري من تراث الأمة ورمزية وجودها واستمراريتها، فإن احتفالية العموم به، بدأ بريقها يتراجع لتشبع الأجيال بالحياة المعاصرة، التي لها أوقاتها من الاحتفالية، التي تتعدى الإطار الاجتماعي من مواكبتها الصبغة الدولية .
وهو ما جعل بعض الطقوس الاحتفالية، تنتقل من غير مجال إلى الفضاءات السياحية .