كثيرا مع عانى جمهور المشاهدين والمستمعين المغاربة من هيمنة المنتوج الإشهاري على المنتوج الإعلامي خاصة في شهر رمضان الأبرك ، إذ تمطرنا الشركات الإشهارية بوابل لا ينقطع من الوصلات الإعلانية باستعمال وجوه وشخوص جملة من الفنانين وبعض المؤثرين الذين يتزاحمون على عرض مثل هذه الخدمات المؤدى عنها ولو على حساب حب جماهيرهم لهم فيما يقدمون من فنون درامية أو كوميدية أو محتويات رقمية ، وإن أقرب مثال على استهتار بعضهم بحب الجمهور وتعلقه بهم ما وقع بفضيحة شركة باب دارنا قبل سنوات والتي بسبب وصلاتها الإشهارية على قناة رسمية باستعمال بعض الكوميديين في العرض التلفزي والدعاية المكثفة للمشروع العقاري على الأرض، بيعت الأوهام لكثير من المغاربة فذهبت أموالهم المملينة سدى في انتظار حكم الأرض النهائي قبل حكم السماء الفاصل في الآخرة
سعادة المدير وخلط بين التجاري والتحريري
لأجل ذلك ، تنتفض الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) في كل وقت وحين انطلاقا من وظيفتها التصحيحية والتقويمية لتوجه الإنذارات أو الغرامات أو التوقيفات المؤقتة حماية للجمهور المشاهد والمستمع وللذوق العام من كل التجاوزات اللا مهنية والتصرفات غير المسؤولة لبعض مدراء أجهزة الاتصال السمعي البصري
فقد وجّهت الهيئة قبل أيام إنذارا رسميا إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بسبب خروقات تتعلّق بعدم احترام شروط الرعاية والإشهار ضمن سلسلة فكاهية بُثّت خلال شهر رمضان الماضي على قناة “الأولى”، تحت عنوان سعادة المدير”
وجاء قرارالهيئة، الصادر عقب اجتماع مجلسها الأعلى بتاريخ 8 ماي 2025، بعد أن رصدت مصالح التتبع التابعة لها إدراج محتوى إشهاري في سياق تخييلي، دون احترام الضوابط القانونية والمهنية المنصوص عليها في دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة
وبحسب تقرير الهيئة فقد تضمّنت حلقات السلسلة المعنية ذكراً متكرراً وبارزاً لاسم المؤسسة الراعية، مرفقاً بعبارات تنويهية وترويجية، على نحو يتجاوز الإطار المخصص للتعريف بالمؤسسات الراعية، كما هو منصوص عليه في الضوابط التنظيمية
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تبيّن أن السلسلة قدّمت معلومات واضحة حول بعض العروض الخدماتية والتجارية للمؤسسة الراعية، ما حوّل جزءا من العمل التخييلي إلى مساحة ترويجية غير معلنة
كما اعتبرت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أن ما بثّته القناة يشكّل إخلالا بحق الجمهور في التمييز بين العمل التخييلي والمحتوى الإشهاري، وهو ما قد يؤدي إلى تغليط المشاهد وإيقاعه في اللبس بشأن طبيعة المضامين المقدمة
وفي هذا السياق ،شدّدت الهيئة على أن “ضمان حق الجمهور في المعرفة المسبقة بطبيعة البرامج المقدّمة، بما في ذلك التفريق الواضح بين ما هو إبداعي وما هو تجاري، يُعدّ من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الخدمة العمومية”
وبناء على المعطيات الميدانية والتقييم القانوني خلصت الهيئة إلى أن السلسلة المعنية خرقت مقتضيات دفتر التحملات، كما استوفت، في مضمونها، عناصر الإشهار غير المعلن عنه، كما هو معرف في القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري
وإزاء هذه المخالفات قررت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري توجيه إنذار إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، مع نشر القرار في الجريدة الرسمية، تأكيدا على مبدأ الشفافية وضرورة احترام القواعد المؤطرة للإنتاج والبث
ويعيد هذا القرار إلى الواجهة النقاش المتكرر حول الحدود الفاصلة بين الإبداع الفني والمضمون الإشهاري، ولاسيما في سياق الأعمال الرمضانية ذات المتابعة الواسعة، حيث يُطرح باستمرار سؤال: إلى أي حد يمكن إدماج محتوى تجاري دون أن يُفقد العمل صفته الفنية؟
أما الهيئة، من جانبها، فإنها تؤكد في كل مناسبة أن الإشهار في الفضاء السمعي البصري يجب أن يكون معلناً، مفصولاً، ومميزاً بوضوح، احتراما لذكاء الجمهور وصونا لمبدأ استقلالية البرامج عن أي تأثير تجاري غير مشروع
لالة مولاتي ومبدأ الشفافية
ومن جهة ثانية، وجّهت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) إنذارا رسميا إلى إذاعة “ميد راديو”، على خلفية عدم احترامها الشروط القانونية المؤطرة للإشهار والرعاية، وذلك خلال بث إحدى حلقات برنامجها اليومي “لالة مولاتي”، الذي يُعنى بالمرأة والأسرة
القرار، الذي صادق عليه المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري خلال اجتماعه المنعقد بتاريخ 8 ماي الجاري، جاء بعد ملاحظة خروقات واضحة في حلقة 3 مارس الماضي، التي تخللتها مجموعة من المسابقات، رصدت خلالها الهيئة إدراجا غير قانوني لمحتويات ترويجية
وحسب تقرير الهيئة, فإن مقدّمة البرنامج قامت خلال تلك الحلقة بذكر أسماء علامات تجارية تابعة لمؤسسات راعية للمسابقات، بشكل متكرر وواضح، خارج الإطار المخصص لذلك، بما يخالف القواعد المهنية المعمول بها
كما تم إقران هذه الإشارات بعبارات تنويهية وترويجية تهدف إلى جذب انتباه جمهور معين، فضلا عن تقديم معلومات عن بعض الخدمات والعروض التجارية الخاصة بهذه المؤسسات، ما اعتبرته الهيئة توظيفا مباشرا للفضاء الإذاعي لأغراض إشهارية غير معلنة
وأبرز المجلس الأعلى أن هذا النوع من الممارسات يُخلّ بمبدأ الشفافية، ويعرّض الجمهور لمحتوى إشهاري دون إعلام مسبق أو فصل واضح عن المادة التحريرية، ما قد يؤدي إلى تغليط المستمعين بشأن طبيعة المضمون المُقدَّم
وشدّد المجلس في قراره على أن هذا السلوك يمسّ بحرية الجمهور في الاختيار بين المحتوى التحريري والمحتوى الإشهاري، وهي حرية لا يمكن ضمانها إلا عبر احترام حق المتلقي في التعرف المسبق على طبيعة المادة الإعلامية المعروضة عليه
وبناء على تحليل الهيئة فإن الحلقة المعنية خرقت المقتضيات المنصوص عليها في دفتر تحملات “ميد راديو”، ولاسيما ما يتعلق بإدراج أسماء المؤسسات الراعية ضمن البرامج، كما استجمعت أركان الإشهار غير المعلن عنه، كما هو معرف في القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري
وعلى ضوء هذه المعطيات قرر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري توجيه إنذار رسمي إلى “ميد راديو”، مع نشر القرار في الجريدة الرسمية، التزاما بمبادئ الشفافية والرقابة المستقلة على المضامين الإعلامية
أقوال رائجة عن الإعلانات التجارية
ليوب بورنيت: “لا تخبرني بمدى جودة ما تقدمه، بل أخبرني بمدى نجاحي عندما أستخدمه.”
بيل كوسبي: “أول قانون في الإعلان هو تجنب الوعود الملموسة وغرس الغموض المبهج.”
ديفيد أوجيلفي: “الإعلان شرير فقط عندما يُعلن عن أشياء شريرة.”
الإعـلان لا يـصـنـع ميـزة للمـنـتـج، إنـه فـقـط وسـيـلـة لإعـلام الـنـاس بـهـا عن بيل بيرنباخ، المدير الإبداعي في وكالة دويل
عبدالفتاح المنطري
كاتب صحفي