ضعف مزدوج للنظام الإيراني!

محمود حكميان*

خلال أکثر من 4 عقود، إعتمد النظام الإيراني من حيث مواجهته للنشاطات الداخلية المناوئة ولاسيما الانتفاضات غير العادية کما حدث في الاعوام 2017، و2019، و2022، على حالة التفاوت بين أوضاعه الداخلية والدولية، إذ کلما کان الوضع الداخلي يزداد تفاقما ويضيق عليه الخناق، فإنه کان يلجأ لعلاقاته الدولية وطبيعة الاوضاع القائمة ازائها ويقوم بتوظيفها وإستخدامها کمتنفس ووسيلة من أجل الحد من تفاقم وضعه الداخلي.
حالة التفاوت التي أشرنا أليها، کانت العامل المفيد للنظام الإيراني والذي إستخدمه دائما من أجل تقويض وإضعاف وحتى القضاء على المعارضة الداخلية وضمان بقائه وإستمراره، وهو الامر الذي حذرت منه دائما، مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الإيرانيـة، وبشکل خاص من سياسة مسايرة النظام وإسترضائه، مشددة على إن النظام يستخدم علاقاته الدولية ولاسيما الاقتصادية منها من أجل مواجهة نضال الشعب من أجل الحرية والتغيير ودعت مرارا وتکرارا وکوسيلة لممارسة الضغط على النظام في مجال وضع حد للإنتهاکات الفظيعة التي يقوم بها في مجال حقوق الانسان إشتراط العلاقات السياسية والاقتصادية بتحسين أوضاع حقوق الانسان في داخل إيران ووضع حد للإنتهاکات، لکن هذه الحالة إستمرت على الرغم من إنها کانت تسبب ضررا للدول الغربية ذاتها، لکن الذي حدث بعد سقوط نظام بشار الاسد وتراجع دور وکلائه في المنطقة وعدم قدرته على ممارسة الابتزاز کما کان يفعل سابقا، فسح مجالا غير مسبوقا للمجتمع الدولي عموما وللدول الغربية لکي يجرون تغييرا على سياساتهم ازاء طهران بحيث تعمل على المزيد والمزيد من إضعافه لأن ذلك في صالح العالم کله وفي صالح الشعب الإيراني.
اليوم، وبعد أن فقد النظام حليفه نظام بشار الاسد الى الابد وظهر عريه لأن هذا النظام کان أشبه بورقة التوت للنظام فيما يتعلق بمشروعه في المنطقة وتأکيد الاوساط السياسية والاعلامية الدولية وبصورة ملفتة للنظر على الضعف الذي دب في النظام من جراء الاحداث والتطورات التي إنتهت بسقوط نظام بشار الاسد، فإن الامر إنعکس على أوضاعه الداخلية إذ بدأت تتصاعد الاحتجاجات الشعبية من جهة والعمليات الثورية لوحدات الانتفاضة ضد النظام وقد أشارت مريم رجوي، في کلمتها الموجهة للمتظاهرين في 8 فبراير في باريس، الى الضعف والتراجع الذي صار النظام يشهده في داخل إيران بعد فقدانه لحليفه الدکتاتور بشار الاسد عندما قالت: “خامنئي كان يقول مرارا: إذا لم نقاتل في سوريا، يجب أن نجعل خطنا الدفاعي في طهران وأصفهان. الآن بعد أن فقدوا كلا من سوريا ولبنان، جعلوا خطهم علی الإعدام في طهران وجميع مدن إيران.” وشددت قائلة” لكن نقول لهم: لا تتأخروا؛ اجعلوا بيت العنكبوت محصنا! لأن الثوار يسعون لتنظيف وتطهير الشوارع من الجراثيم التابعة للملا والملك!”.
بقاء وإستمرار هذا الضعف المزدوج للنظام”داخليا ودوليا”، يسحب السجادة من تحت أقدام النظام ويجعله في مواجهة جحيم السقوط الذي کان دائما يتحاشاه، ولکن وکما هو واضح فقد وقع الفأس على الرأس!
*عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني